وعن ابن عباس: كنت جالسًا في الحجر فجاء رجل فسألني عن (الْعادِياتِ ضَبْحاً) ففسرتها بالخيل، فذهب إلى علىّ وهو تحت سقاية زمزم فسأله وذكر له ما قلت، فقال: ادعه لي، فلما وقفت على رأسه قال: تفتي الناس بما لا علم لك به، والله إن كانت لأول غزوة في الإسلام بدر، وما كان معنا إلا فرسان: فرس للزبير وفرس للمقداد (الْعادِياتِ ضَبْحاً) الإبل من عرفة إلى المزدلفة، ومن المزدلفة إلى منى؛ فإن صحت الرواية فقد استعير الضبح للإبل، كما استعير المشافر والحافر للإنسان، والشفتان للمهر، والثفر للثورة وما أشبه ذلك. وقيل: الضبح لا يكون إلا للفرس والكلب والثعلب. وقيل: الضبح بمعنى الضبع، يقال: ضبحت الإبل وضبعت إذا مدت أضباعها في السير، وليس بثبت. وجمع: هو المزدلفة.
كما أُضمر لدلالة الفعل عليه في قوله: من كذب كان شراً له، أي: كان الكذب شراً له. فأما "وسطن" بالتشديد، فعلى معنى: ميزن به جمعاً، أي: جعلنه شطرين، "قسمين، شقين".
قوله:(إن كانت لأول غزوة)، "إن" مخففة من الثقيلة، واسم "كانت" ضمير الآية، و"بدر" خبر مبتدأ محذوف، غير منصرف في الأصح كقوله تعالى:{ادْخُلُوا مِصْرَ}[يوسف: ٩٩]، للعلمية والتأنيث.
قوله:(والثَّفر للثورة)، الجوهري:"الثَّفر للسباع وكل ذات مخلب، بمنزلة الحياء من الناقة، وربما استعير لغيرها، قال الأخطل:
جزى الله عنا الأعورين ملامة وفروة ثفر الثورة المتضاجم
نصب "ثفر الثورة" بدلاً من "فروة" وهو لقبه، وخفض "المتضاجم" وهو من صفى الثفر على الجوار، كقولك: جُحر ضب خرب". وهو من الأضجم، أي: مُعوج الفم.