لفعلتم ما لا يوصف ولا يكتنه؛ ولكنكم ضلال جهلة؛ ثم قال:(لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) فبين لهم ما أنذرهم منه وأوعدهم به؛ وقد مرّ ما في إيضاح الشيء بعد إبهامه من تفخيمه وتعظيمه، وهو جواب قسم محذوف، والقسم لتوكيد الوعيد، وأن ما أوعدوا به ما لا مدخل فيه للريب؛ وكرره معطوفًا بثم تغليظا في التهديد وزيادة في التهويل. وقرئ:(لترؤن) بالهمز وهي مستكرهة.
فإن قلت: لم استكرهت والواو المضمومة قبلها همزة قياس مطرد؟
قلت: ذاك في الواو التي ضمتها لازمة، وهذه عارضة لالتقاء الساكنين. وقرئ:(لترون) و (لترونها) على البناء للمفعول، (عَيْنَ الْيَقِينِ) أي: الرؤية التي هي نفس اليقين وخالصته. ويجوز أن يراد بالرؤية: العلم والإبصار (عَنِ النَّعِيمِ) عن اللهو والتنعم الذي شغلكم الالتذاذ به عن الدين وتكاليفه.
قوله:(ذاك في الواو التي ضمتها لازمة)، قال الزجاج:"القراءة: {لَتَرَوُنَّ}، بضم الواو غير مهموز، فضمت الواو لسكونها وسكون النون، وقد همزها بعضهم، والنحويون يكرهونها لأن ضمتها غير لازمة، لأنها حُركت لالتقاء الساكنين، ويهمزون الواو التي ضمتها لازمة، نحو: أدؤُر، جمع دار، ويجوز: أَدْوُر أيضاً".
قوله: (وقرئ: "لَتُرَونّ")، ابن عامر والكسائي: بضم التاء، والباقون: بفتحها. ولا خلاف في السبعة في قوله:{لَتَرَوُنَّهَا} بفتح التاء.
قوله:({عَيْنَ الْيَقِينِ}: أي: الرؤية التي هي نفس اليقين)، قيل: أراد أن {عَيْنَ الْيَقِينِ} نُصب على المصدر، والعين هاهنا بمعنى نفس الشيء، كقولك: جاء زيد نفسه وعينه. والصواب أن الرؤية هاهنا بمعنى الإبصار لا العلم.