قلت: لما في الكلام من معنى الشرط، لأن المعنى: إما لا فليعبدوه لإيلافهم، على معنى: أنّ نعم الله عليهم لا تحصى، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه، فليعبدوه لهذه الواحدة التي هي نعمة ظاهرة. وقيل: المعنى: اعجبوا لإيلاف قريش. وقيل: هو متعلق بما قبله، أي: فجعلهم كعصٍف مأكول لإيلاف قريش، وهذا بمنزلة التضمين في الشعر: وهو أن يتعلق معنى البيت بالذي قبله تعلقا لا يصح إلا به، وهما في مصحف أبىّ سورة واحدة، بلا فصل. وعن عمر: أنه قراهما في الثانية من صلاة المغرب.
ولا متعلق لها. ويجوز أن يُحمل على التوكيد والفاء للتعقيب، كما يقال: لِئِلاف قريش ليعبدوه، فليعبدوا، وكذا قوله تعالى:{فَلْيَفْرَحُوا}، وقد مر عن الزبير عن الزجاج جوازه، وعليه قوله تعالى:{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}[المدثر: ٣]، قال:"دخلت الفاء لمعنى الشرط، كأنه قيل: وما كان فلا تدع تكبيره".
قوله:(لأن المعنى: إما لا فليعبدوه)، روي عن المصنف أنه قال: تقول العرب: افعل هذا إما لا، أي: إن كنت لا تفعل غيره فافعل هذا، و"ما" مزيدة، عوض من "كان" المحذوفة، وقد أمالوا "لا" لأنه ساد مسد الفعل كبلى، ولقيامهما مقام الفعل، ويقال: أعطني هذا إما لا.
قوله:(فجعلهم كعصف مأكول لإيلاف فريش)، قال الزجاج:"المعنى: أهلك الله أصحاب الفيل، لتبقى قريش وما قد ألفوا من رحلة الشتاء والصيف".
قوله:(في الثانية من صلاة المغرب)، أي: في الركعة الثانية، وفي الركعة الأولى سورة والتين، هذا ظاهر بأنهما سورة واحدة.