قَوْلُهُ: اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ عَلَى الْعَوْلِ فِي زَمَنِ عُمَرَ، حِينَ مَاتَتْ امْرَأَةٌ فِي عَهْدِهِ عَنْ زَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ، فَكَانَتْ أَوَّلَ فَرِيضَةٍ عَائِلَةٍ فِي الْإِسْلَامِ، فَجَمَعَ الصَّحَابَةَ وَقَالَ: " فَرَضَ اللَّهُ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ، وَلِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ، فَإِنْ بَدَأْت بِالزَّوْجِ لَمْ يَحْصُلْ لِلْأُخْتَيْنِ حَقُّهُمَا، وَإِنْ بَدَأْت بِالْأُخْتَيْنِ لَمْ يَبْقَ لِلزَّوْجِ حَقُّهُ، فَأَشِيرُوا عَلَيَّ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ الْعَبَّاسُ بِالْعَوْلِ، قَالَ: أَرَأَيْت لَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ سِتَّةَ دَرَاهِمَ، وَلِرَجُلٍ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْآخَرِ أَرْبَعَةٌ، أَلَيْسَ يُجْعَلُ الْمَالُ سَبْعَةَ أَجْزَاءٍ ". فَأَخَذَتْ الصَّحَابَةُ بِقَوْلِهِ، ثُمَّ أَظْهَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْخِلَافَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَأْخُذْ بِقَوْلِهِ إلَّا قَلِيلٌ. هَكَذَا أَوْرَدَهُ، وَهُوَ مَشْهُورٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ، وَاَلَّذِي فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ خِلَافُ ذَلِكَ، فَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: دَخَلْت أَنَا وَزُفَرُ بْنُ أَوْسٍ بْنِ الْحَدَثَانِ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، بَعْدَ مَا ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَتَذَاكَرْنَا فَرَائِضَ الْمِيرَاثِ، فَقَالَ. " تَرَوْنَ الَّذِي أَحْصَى رَمْلَ عَالِجٍ عَدَدًا لَمْ يَجْعَلْ فِي مَالٍ نِصْفًا، وَنِصْفًا، وَثُلُثًا، إذَا ذَهَبَ نِصْفٌ، وَنِصْفٌ، فَأَيْنَ مَوْضِعُ الثُّلُثِ؟ فَقَالَ لَهُ زُفَرُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَنْ أَوَّلُ مَنْ أَعَالَ الْفَرَائِضَ؟ قَالَ عُمَرُ: قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: لَمَّا تَدَافَعَتْ عَلَيْهِ، وَرَكِبَ بَعْضُهَا بَعْضًا، قَالَ لَهُمْ: وَاَللَّهِ مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ بِكُمْ؟ وَاَللَّهِ مَا أَدْرِي أَيَّكُمْ أُقَدِّمُ وَلَا أَيَّكُمْ أُؤَخِّرُ؟ قَالَ: وَمَا أَجِدُ فِي هَذَا شَيْئًا خَيْرًا مِنْ أَنْ أَقْسِمَ عَلَيْكُمْ بِالْحِصَصِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَيْمُ اللَّهِ لَوْ قُدِّمَ مَنْ قَدَّمَ اللَّهُ، وَأُخِّرَ مَنْ أَخَّرَ اللَّهُ، مَا عَالَتْ فَرِيضَةٌ، ثُمَّ ذَكَرَ تَفْسِيرَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ زُفَرُ: مَا مَنَعَك أَنْ تُشِيرَ عَلَى عُمَرِكَ بِذَلِكَ؟ فَقَالَ: هِبْته وَاَللَّهِ. وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مُخْتَصَرًا.
(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ: انْفَرَدَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِإِنْكَارِ الْعَوْلِ، مُرَادُهُ بِذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَإِلَّا فَقَدْ تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَهُوَ قَوْلُ دَاوُد وَأَتْبَاعِهِ.
قَوْلُهُ: الْمِنْبَرِيَّةُ سُئِلَ عَنْهَا عَلِيٌّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: " وَهِيَ زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ وَبِنْتَانِ؟ فَقَالَ مُرْتَجِلًا: صَارَ ثُمُنُهَا تُسْعًا. رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَلَيْسَ عِنْدَهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute