[كِتَابُ الْحَجِّ]
قَوْلُهُ: نَزَلَتْ فَرِيضَتُهُ سَنَةَ خَمْسٍ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَأَخَّرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ، فَإِنَّهُ خَرَجَ إلَى مَكَّةَ سَنَةَ سَبْعٍ لِقَضَاءِ الْعُمْرَةِ وَلَمْ يَحُجَّ، وَفَتَحَ مَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَبَعَثَ أَبَا بَكْرٍ أَمِيرًا عَلَى الْحَجِّ سَنَةَ تِسْعٍ، وَحَجَّ هُوَ سَنَةَ عَشْرٍ، وَعَاشَ بَعْدَهَا ثَمَانِينَ يَوْمًا ثُمَّ قُبِضَ، هَذِهِ الْأُمُورُ الَّتِي ذَكَرَهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهَا بَيْنَ أَهْلِ السِّيَرِ إلَّا فَرْضَ الْحَجِّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ، فَفِيهِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ، وَقَدْ وَقَعَ فِي قِصَّةِ ضَمَّامٍ ذِكْرُ الْحَجِّ، وَقَدْ نَقَلَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ لَهُ عَقِبَ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنُ نُوَيْفِعٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ ضَمَّامٍ أَنَّ شَرِيكَ بْنَ أَبِي نَمِرٍ، رَوَاهُ عَنْ كُرَيْبٍ فَقَالَ فِيهِ: بَعَثَتْ بَنُو سَعْدٍ ضَمَّامًا فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي: لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ رِوَايَةُ الْوَاقِدِيِّ فِي الْمَغَازِي، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَعَاشَ بَعْدَهَا ثَمَانِينَ يَوْمًا أَيْ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ عَوْدِهِ مِنْ الْحَجِّ، فَإِنَّ الْحَجَّ انْقَضَى فِي ثَالِثَ عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ، وَمَاتَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَانِي عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ عَلَى الْمَشْهُورِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَيُنْبِي عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ مَاتَ فِي الثَّانِي مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ، وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَبْقَ بَعْدَ نُزُولِ قَوْله تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣] إلَّا إحْدَى وَثَمَانِينَ لَيْلَةً. وَأَمَّا فَرْضُ الْحَجِّ: فَقَدْ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ نَفْسُهُ فِي كِتَابِ السِّيَرِ أَنَّهُ فُرِضَ سَنَةَ سِتٍّ، ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ فُرِضَ سَنَةَ سِتٍّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَقِيلَ: فُرِضَ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ تِسْعٍ، حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ، وَقِيلَ: فُرِضَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ حَكَاهُ فِي النِّهَايَةِ، وَقِيلَ: فُرِضَ سَنَةَ عَشْرٍ، وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ.
حَدِيثُ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ.
٩٥٣ - (١) - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ. فَقَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute