[مَسْحُ الرَّقَبَةِ فِي الْوُضُوءِ]
تَابِعُ بَابِ سُنَنِ الْوُضُوء:
٩٧ - (١) - حَدِيثُ: رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَسْحُ الرَّقَبَةِ أَمَانٌ مِنْ الْغُلِّ» هَذَا الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ، وَقَالَ: لَمْ يَرْتَضِ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ إسْنَادَهُ، فَحَصَلَ التَّرَدُّدُ فِي أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ هَلْ هُوَ سُنَّةٌ أَوْ أَدَبٌ، وَتَعَقَّبَهُ الْإِمَامُ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ لِلْأَصْحَابِ تَرَدُّدٌ فِي حُكْمٍ مَعَ تَضْعِيفِ الْحَدِيثِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: لَمْ تَرِدْ فِيهِ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ، وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: لَمْ تَرِدْ فِيهِ سُنَّةٌ، وَقَالَ الْفُورَانِيُّ: لَمْ يَرِدْ فِيهِ خَبَرٌ، وَأَوْرَدَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فَقَالَ: هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ السَّلَفِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ، لَيْسَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَادَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَمْ يَصِحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ شَيْءٌ، وَلَيْسَ هُوَ سُنَّةٌ، بَلْ بِدْعَةٌ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّافِعِيُّ وَلَا جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، وَإِنَّمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاصِّ، وَطَائِفَةٌ يَسِيرَةٌ. وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، بِأَنَّ الْبَغَوِيَّ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ قَالَ بِاسْتِحْبَابِهِ. وَلَا مَأْخَذَ لِاسْتِحْبَابِهِ إلَّا خَبَرٌ أَوْ أَثَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا مَجَالَ لِلْقِيَاسِ فِيهِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَلَعَلَّ مُسْتَنَدَ الْبَغَوِيِّ فِي اسْتِحْبَابِ مَسْحِ الْقَفَا، مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْسَحُ رَأْسَهُ، حَتَّى بَلَغَ الْقَذَالَ وَمَا يَلِيهِ مِنْ مُقَدَّمِ الْعُنُقِ» . وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَكَلَامُ بَعْضِ السَّلَفِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَا رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الطُّهُورِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: «مَنْ مَسَحَ قَفَاهُ مَعَ رَأْسِهِ وُقِيَ الْغُلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . قُلْتُ: فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute