[خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَاجِبَاتِ النِّكَاحِ]
وَمِنْ خَصَائِصِهِ فِي وَاجِبَاتِ النِّكَاحِ
وُجُوبُ تَخْيِيرِ نِسَائِهِ لِلْآيَةِ، وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا عَلَى أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ: مِنْ أَنَّ اللَّهَ خَيَّرَهُ بَيْنَ الْغِنَى وَالْفَقْرِ، فَاخْتَارَ الْفَقْرَ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ بِتَخْيِيرِ نِسَائِهِ لِتَكُونَ مَنْ اخْتَارَتْهُ مِنْهُنَّ مُوَافِقَةً لِاخْتِيَارِهِ، وَهَذَا يُعَكَّرُ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَكْثَرَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي أَنَّ إبْلَاءَهُ مِنْ نِسَائِهِ كَانَ سَنَةَ تِسْعٍ، وَأَنَّ تَخْيِيرَهُنَّ وَقَعَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِ عُمْرِهِ قَدْ وُسِّعَ لَهُ فِي الْعَيْشِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا كَانَ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَتْ عَائِشَةُ: " مَا شَبِعْنَا مِنْ التَّمْرِ حَتَّى فُتِحَتْ خَيْبَرُ ".
ثَانِيهَا: أَنَّهُنَّ تَغَايَرْنَ عَلَيْهِ فَحَلَفَ أَلَّا يُكَلِّمَهُنَّ شَهْرًا، ثُمَّ أُمِرَ بِأَنْ يُخَيِّرَهُنَّ.
حَكَاهُ الْغَزَالِيُّ.
ثَالِثُهَا: أَنَّهُنَّ طَالَبْنَهُ مِنْ الْحُلِيِّ وَالثِّيَابِ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ فَتَأَذَّى بِذَلِكَ، فَأُمِرَ بِتَخْيِيرِهِنَّ، وَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ كَانَ بِسَبَبِ طَلَبِ بَعْضِهِنَّ مِنْهُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، فَأَعَدَّ لَهَا خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ وَصَفَّرَهُ بِالزَّعْفَرَانِ فَتَسَخَّطَتْ.
رَابِعُهَا: أَنَّ اللَّهَ امْتَحَنَهُنَّ بِالتَّخْيِيرِ لِيَكُونَ لِرَسُولِهِ خِيرَةُ النِّسَاءِ.
خَامِسُهَا: أَنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا قِصَّةُ مَارِيَةَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، أَوْ قِصَّةُ الْعَسَلِ الَّذِي شَرِبَهُ فِي بَيْتِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَهَذَا يَقْرُبُ مِنْ الثَّانِي.
١٥٣٩ - (١) - قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آثَرَ لِنَفْسِهِ الْفَقْرَ وَالصَّبْرَ عَلَيْهِ، وَأَعَادَهُ بَعْدُ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَنَّ الْيَسَارَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْكَفَاءَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَيَّرَهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا نَبِيًّا، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَلِكًا، فَاخْتَارَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا نَبِيًّا» . وَلِمُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ: «فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى حَصِيرٍ، فَجَلَسْتُ فَإِذَا عَلَيْهِ إزَارُهُ وَلَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute