[فَصْلٌ فِي التَّخْفِيفِ فِي النِّكَاحِ]
قَوْلُهُ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تِسْعِ نِسْوَةٍ، قُلْت هُوَ أَمْرٌ مَشْهُورٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَكَلُّفِ تَخْرِيجِ الْأَحَادِيثِ فِيهِ، وَهُنَّ عَائِشَةُ، ثُمَّ سَوْدَةُ، ثُمَّ حَفْصَةُ، ثُمَّ أُمُّ سَلَمَةَ، ثُمَّ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، ثُمَّ صَفِيَّةُ، ثُمَّ جُوَيْرِيَةُ، ثُمَّ أُمُّ حَبِيبَةَ، ثُمَّ مَيْمُونَةُ، وَاخْتُلِفَ فِي رَيْحَانَةَ هَلْ كَانَتْ زَوْجَةً أَوْ سُرِّيَّةً؟ وَهَلْ مَاتَتْ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَدَخَلَ أَيْضًا بِخَدِيجَةَ وَلَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَتْ وَبِزَيْنَبِ أُمِّ الْمَسَاكِينِ وَمَاتَتْ فِي حَيَاتِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ صَفِيَّةَ وَمَنْ بَعْدَهَا، وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَدَخَلَ مِنْهُنَّ بِإِحْدَى عَشْرَةَ، وَمَاتَ عَنْ تِسْعٍ فَقَدْ قَوَّاهُ أَيْضًا فِي الْمُخْتَارَةِ، وَفِي بَعْضِهِ مُغَايِرَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، أَوْ خَطَبَهَا وَلَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهَا.
فَضَبَطْنَا مِنْهُنَّ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ امْرَأَةً وَقَدْ حَرَّرْت ذَلِكَ فِي كِتَابِي فِي الصَّحَابَةِ.
قَوْلُهُ: الْأَصَحُّ جَوَازُ الزِّيَادَةِ عَلَى التِّسْعِ، لِأَنَّهُ مَأْمُونُ الْجَوْرِ، قُلْت: إنْ ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي رَيْحَانَةَ كَانَ دَلِيلًا عَلَى الْوُقُوعِ.
(فَائِدَةٌ) :
ذُكِرَ فِي حِكْمَةِ تَكْثِيرِ نِسَائِهِ وَحُبِّهِ فِيهِنَّ أَشْيَاءُ: الْأَوَّلُ: زِيَادَةٌ فِي التَّكْلِيفِ حَتَّى لَا يَلْهُوَ بِمَا حُبِّبَ إلَيْهِ مِنْهُنَّ عَنْ التَّبْلِيغِ. الثَّانِي: لِيَكُونَ مَعَ مَنْ يُشَاهِدُهَا فَيَزُولَ عَنْهُ مَا يَرْمِيهِ بِهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ كَوْنِهِ سَاحِرًا. الثَّالِثُ: الْحَثُّ لِأُمَّتِهِ عَلَى تَكْثِيرِ النَّسْلِ. الرَّابِعُ: لِتَشْرُفَ بِهِ قَبَائِلُ الْعَرَبِ بِمُصَاهَرَتِهِ فِيهِمْ. الْخَامِسُ: لِكَثْرَةِ الْعَشِيرَةِ مِنْ جِهَةِ نِسَائِهِ عَوْنًا عَلَى أَعْدَائِهِ. السَّادِسُ: نَقْلُ الشَّرِيعَةِ الَّتِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ. السَّابِعُ: نَقْلُ مَحَاسِنِهِ الْبَاطِنَةِ فَقَدْ تَزَوَّجَ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأَبُوهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَدُوُّهُ، وَصْفِيَّةَ بَعْدَ قَتْلِ أَبِيهَا تَزَوَّجَهَا فَلَوْ لَمْ تَطَّلِعْ مِنْ بَاطِنِهِ عَلَى أَنَّهُ أَكْمَلُ الْخَلْقِ لَنَفَرْنَ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: فِي انْعِقَادِ نِكَاحِهِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَهَلْ يَجِبُ الْمَهْرُ وَجْهَانِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute