الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا الْحَمْلُ عَلَى التَّعَدُّدِ، وَالْأَجْوَدُ فِي الْجَمْعِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ قَطُّ فِي حَالِ الْحَضَرِ وَالرَّفَاهِيَةِ، بَلْ فِي حَالِ السَّفَرِ وَالْحَاجَةِ، وَالْأَحَادِيثُ ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ، وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «كُنَّا نَغْزُو وَلَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ، فَرَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ» . فَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا وَرَدَ مِنْ التَّحْرِيمِ فِي الْمَوَاطِنِ الْمُتَعَدِّدَةِ، يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِتَحْرِيمِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَنَّ الْحَاجَةَ انْقَضَتْ، وَوَقَعَ الْعَزْمُ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى الْوَطَنِ، فَلَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ تَحْرِيمٌ أَبَدًا إلَّا الَّذِي وَقَعَ أَخِرًا، وَقَدْ اجْتَمَعَ مِنْ الْأَحَادِيثِ فِي وَقْتِ تَحْرِيمِهَا أَقْوَالٌ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ نَذْكُرُهَا عَلَى التَّرْتِيبِ الزَّمَانِيِّ:
الْأَوَّلُ: عُمْرَةُ الْقَضَاءِ: قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: «مَا حَلَّتْ الْمُتْعَةُ قَطُّ إلَّا ثَلَاثًا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، مَا حَلَّتْ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا» ، وَشَاهِدُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا قَضَيْنَا عُمْرَتَنَا، قَالَ لَنَا: أَلَا تَسْتَمْتِعُوا مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ» - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ -.
الثَّانِي: خَيْبَرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عَنْ عَلِيٍّ بِلَفْظِ: «نُهِيَ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ يَوْمَ خَيْبَرَ» . وَاسْتَشْكَلَهُ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا إشْكَالَ، وَقَدْ وَقَعَ فِي مُسْنَدِ ابْنِ وَهْبٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ. أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ.
الثَّالِثُ عَامُ الْفَتْحِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى فِي يَوْمِ الْفَتْحِ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ» . وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «أُمِرْنَا بِالْمُتْعَةِ عَامَ الْفَتْحِ حِينَ دَخَلْنَا مَكَّةَ، ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى نَهَانَا عَنْهَا» . وَفِي لَفْظٍ لَهُ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي كُنْت أَذِنْت لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ النِّسَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .
الرَّابِعُ: يَوْمُ حُنَيْنٍ، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَصْحِيفٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute