عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ، فَرَخَّصَ فِيهِ، فَقَالَ لَهُ: إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْحَالِ الشَّدِيدِ، وَفِي النِّسَاءِ قِلَّةٌ فَقَالَ: نَعَمْ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، انْتَهَى.
وَلَيْسَ هَذَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، بَلْ اسْتَغْرَبَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ، فَعَزَاهُ إلَى رَزِينٍ وَحْدَهُ.
قُلْت: قَدْ ذَكَرَهُ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي جَمْرَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَزَاهُ إلَى الْبُخَارِيِّ فِي النِّكَاحِ بِاللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ سَوَاءٌ، ثُمَّ رَاجَعْته مِنْ الْأَصْلِ فَوَجَدْته فِي بَابِ: النَّهْيُ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ أَخِيرًا، سَاقَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ، فَاعْلَمْ ذَلِكَ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ بِلَفْظِ " الْجِهَادِ " بَدَلَ " الْحَالِ الشَّدِيدِ " وَيَا عَجَبًا مِنْ الْمُصَنِّفِ، كَيْفَ لَمْ يُرَاجِعْ الْأَطْرَافَ وَهِيَ عِنْدَهُ، إنْ كَانَ خَفِيَ عَلَيْهِ مَوْضِعَهُ مِنْ الْأَصْلِ، وَرَوَيْنَا فِي كِتَابِ الْغَرَرِ مِنْ الْأَخْبَارِ لِمُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ الْقَاضِي الْمَعْرُوفِ بِوَكِيعٍ، نَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، نَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، نَا حَوِيلٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا تَقُولُ فِي الْمُتْعَةِ فَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِيهَا حَتَّى قَالَ فِيهَا الشَّاعِرُ، قَالَ: وَمَا قَالَ الشَّاعِرُ؟ قُلْت: قَالَ:
قَدْ قُلْت لِلشَّيْخِ لَمَّا طَالَ مَحْبِسُهُ ... يَا صَاحِ هَلْ لَك فِي فَتْوَى ابْنِ عَبَّاسِ
هَلْ لَك فِي رُخْصَةِ الْأَطْرَافِ آنِسَةٌ ... تَكُونُ مَثْوَاك حَتَّى مَصْدَرِ النَّاسِ
قَالَ: وَقَدْ قَالَ فِيهَا الشَّاعِرُ؟ قُلْت: نَعَمْ، قَالَ: فَكَرِهَهَا أَوْ نَهَى عَنْهَا.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: نَا ابْنُ السِّمَاكِ، نَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَّامٍ، نَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، نَا عَبْدُ السَّلَامِ، عَنْ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ: لَقَدْ سَارَتْ بِفُتْيَاك الرُّكْبَانُ، وَقَالَتْ فِيهَا الشُّعَرَاءُ، قَالَ: وَمَا قَالُوا؟ فَذَكَرَ الْبَيْتَيْنِ، قَالَ: فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَاَللَّهِ مَا بِهَذَا أَفْتَيْت، وَمَا هِيَ إلَّا كَالْمَيْتَةِ لَا تَحِلُّ إلَّا لِلْمُضْطَرِّ، وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَا مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَتَّى رَجَعَ عَنْ هَذِهِ الْفُتْيَا، وَذَكَرَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ أَيْضًا.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ يَرَاهَا حَلَالًا وَيَقْرَأُ {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} [النساء: ٢٤] .
قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي حَرْفِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ: يَرْحَمُ اللَّهُ عُمَرَ مَا كَانَتْ الْمُتْعَةُ إلَّا رَحْمَةً مِنْ اللَّهِ رَحِمَ بِهَا عِبَادَهُ، وَلَوْلَا نَهْيُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute