وَمَنْ رَوَاهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ وَهَمَ.
وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَلَهُ طَرِيقٌ ثَالِثَةٌ رَوَاهَا الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، وَسُئِلَ ابْنُ مَعِينٍ عَنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ، فَقَالَ: إسْنَادٌ جَيِّدٌ، قِيلَ لَهُ: فَإِنَّ ابْنَ عُلَيَّةَ لَمْ يَرْفَعْهُ؟ فَقَالَ: وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهُ ابْنُ عُلَيَّةَ فَالْحَدِيثُ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ: مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ، مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ، غَيْرُ ثَابِتٍ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ، لِأَنَّهُ حَدِيثٌ تَكَلَّمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلِأَنَّ الْقُلَّتَيْنِ لَمْ يُوقَفْ عَلَى حَقِيقَةِ مَبْلَغِهِمَا فِي أَثَرٍ ثَابِت وَلَا إجْمَاعٍ. وَقَالَ فِي الِاسْتِذْكَارِ: حَدِيثٌ مَعْلُولٌ، رَدَّهُ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي، وَتَكَلَّمَ فِيهِ.
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: إنَّمَا لَمْ نَقُلْ بِهِ لِأَنَّ مِقْدَارَ الْقُلَّتَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ، وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ صَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى طَرِيقَةِ الْفُقَهَاءِ، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُضْطَرِبَ الْإِسْنَادِ مُخْتَلِفًا فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ، فَإِنَّهُ يُجَابُ عَنْهَا بِجَوَابٍ صَحِيحٍ؛ بِأَنْ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ وَلَكِنِّي تَرَكَتْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَنَا بِطَرِيقٍ اسْتِقْلَالِيٍّ يَجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ شَرْعًا.
تَعْيِينُ مِقْدَارِ الْقُلَّتَيْنِ، قُلْتُ: كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ، مِنْ قِلَالِ هَجَرَ، لَمْ يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» وَفِي إسْنَادِهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ سِقْلَابٍ، وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، قَالَ النُّفَيْلِيُّ: لَمْ يَكُنْ مُؤْتَمَنًا عَلَى الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَا يُتَابَعُ عَلَى عَامَّةِ حَدِيثِهِ. وَأُمًّا مَا اعْتَمَدَهُ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ بَعْدَ أَنْ رَوَى حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرْنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزِّنْجِيُّ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، بِإِسْنَادٍ لَا يَحْضُرُنِي ذِكْرُهُ: أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute