كُلُّهُمْ مِنْ طُرُقٍ عَنْ مَعْمَرٍ. مِنْهُمْ ابْنُ عُلَيَّةَ، وَغُنْدَرٌ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَسَعِيدٌ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَكُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. قَالَ الْبَزَّارُ: جَوَّدَهُ مَعْمَرٌ بِالْبَصْرَةِ، وَأَفْسَدَهُ بِالْيَمَنِ فَأَرْسَلَهُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَالْمَحْفُوظُ مَا رَوَاهُ شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثْت عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوَيْد الثَّقَفِيِّ «أَنَّ غَيْلَانَ أَسْلَمَ» . الْحَدِيثَ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَإِنَّ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، فَإِنَّمَا هُوَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ ثَقِيفٍ طَلَّقَ نِسَاءَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: " لِتُرْجِعَن نِسَاءَك، أَوْ لَأَرْجُمَنك ". وَحَكَمَ مُسْلِمٌ فِي التَّمَيُّزِ عَلَى مَعْمَرٍ بِالْوَهْمِ فِيهِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي زُرْعَةَ: الْمُرْسَلُ أَصَحُّ، وَحَكَى الْحَاكِمُ عَنْ مُسْلِمٍ: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِمَّا وَهَمَ فِيهِ مَعْمَرٌ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: فَإِنْ رَوَاهُ عَنْهُ ثِقَةٌ خَارِجَ الْبَصْرَةِ حَكَمْنَا لَهُ بِالصِّحَّةِ.
وَقَدْ أَخَذَ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِظَاهِرِ هَذَا الْحُكْمِ، فَأَخْرَجُوهُ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ مَعْمَرٍ مِنْ حَدِيثِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَهْلِ خُرَاسَانَ وَأَهْلِ الْيَمَامَةِ عَنْهُ.
قُلْت: وَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ شَيْئًا، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ إنَّمَا سَمِعُوا مِنْهُ بِالْبَصْرَةِ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ أَنَّهُمْ سَمِعُوا مِنْهُ بِغَيْرِهَا، فَحَدِيثُهُ الَّذِي حَدَّثَ بِهِ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ، مُضْطَرِبٌ، لِأَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ فِي بَلَدِهِ مِنْ كُتُبِهِ عَلَى الصِّحَّةِ، وَأَمَّا إذَا رَحَلَ فَحَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ بِأَشْيَاءَ وَهَمَ فِيهَا، اتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهِ كَابْنِ الْمَدِينِيِّ وَالْبُخَارِيِّ، وَأَبِي حَاتِمٍ، وَيَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ قَالَ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ: هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ بِهِ، وَأَعَلَّهُ بِتَفَرُّدِ مَعْمَرٍ بِوَصْلِهِ وَتَحْدِيثِهِ بِهِ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ هَكَذَا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: طُرُقُهُ كُلُّهَا مَعْلُولَةٌ، وَقَدْ أَطَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ تَخْرِيجَ طُرُقِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا، وَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، وَقَدْ وَافَقَ مَعْمَرًا عَلَى وَصْلِهِ بَحْرُ بْنُ كَثِيرٍ السَّقَّا، عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute