آدَمَ، قَدْ كَانَ آدَم يَنْكِحُ بَنِيهِ مِنْ بَنَاتِهِ، فَأَنَا عَلَى دِينِ آدَمَ وَمَا نَرْغَبُ بِكُمْ عَنْ دِينِهِ، فَبَايَعُوهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَاتَلُوا مَنْ خَالَفَهُمْ، فَأَصْبَحُوا وَقَدْ أُسْرِيَ عَلَى كِتَابِهِمْ، فَرُفِعَ مِنْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَذَهَبَ الْعِلْمُ الَّذِي فِي صُدُورِهِمْ، وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، وَقَدْ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ. قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: وَهِمَ فِيهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ فَقَالَ: نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عِيسَى بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: وَكُنْت أَظُنُّ أَنَّ الْخَطَأَ مِنْ الشَّافِعِيِّ إلَى أَنْ وَجَدْت غَيْرَهُ تَابَعَهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ فَضْلٍ، وَالْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمَرْزُبَانَ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَحَدِيثُ عَلِيٌّ هَذَا مُتَّصِلٌ وَبِهِ نَأْخُذُ، وَهَذَا كَالتَّوْثِيقِ مِنْهُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمَرْزُبَانَ وَهُوَ أَبُو سَعْدٍ الْبَقَّالِ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانِ: لَا أَسْتَحِلُّ الرِّوَايَةَ عَنْهُ، ثُمَّ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ مُنْقَطِعٌ، لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ ظَنَّ أَنَّ الرِّوَايَةَ مُتْقَنَةٌ، وَأَنَّهَا عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْ عَلِيٍّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هِيَ عَنْ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ، كَمَا بَيِّنَاهُ وَهُوَ لَمْ يَلْقَ عَلِيًّا، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَلَا مِمَّنْ دُونَهُ كَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، نَعَمْ لَهُ شَاهِدٌ يُعْتَضَدُ بِهِ أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنْ الْحَسَنِ الْأَشْيَبِ، عَنْ يَعْقُوبَ الْقُمِّيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: " كَانَ الْمَجُوسُ أَهْلَ كِتَابٍ، وَكَانُوا مُتَمَسِّكِينَ بِهِ "، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَهَذَا إسْنَادٌ حَسَنٌ وَحَكَى ابْنُ عَبْدُ الْبَرِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا أَرَى هَذَا الْأَثَرَ مَحْفُوظًا، قَالَ ابْنُ عَبْدُ الْبَرِّ: وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَأْبَوْنَ ذَلِكَ، وَلَا يُصَحِّحُونَ هَذَا الْحَدِيثَ.
وَالْحُجَّةُ لَهُمْ قَوْله تَعَالَى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: ١٥٦] الْآيَةَ، قُلْت: قَدْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute