قَوْلُهُ: وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَيُعْلَمُ قَوْلُهُ الْإِتْيَانُ فِي الدُّبُرِ بِالْمِيمِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: وَأَصْحَابُهُ الْعِرَاقِيُّونَ لَمْ يُثْبِتُوا الرِّوَايَةَ، انْتَهَى. قَرَأْت فِي رِحْلَةِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ نَقَلَ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ الْمُحِيطِ لِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَقَدْ رَجَعَ مُتَأَخِّرُو أَصْحَابِهِ عَنْ ذَلِكَ، وَأَفْتَوْا بِتَحْرِيمِهِ، إلَّا أَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّهُ حَلَالٌ، قَالَ: وَكَانَ عِنْدَنَا قَاضٍ يُقَالُ لَهُ: أَبُو وَائِلَةَ، وَكَانَ يَرَى بِجَوَازِهِ، فَرُفِعَتْ إلَيْهِ امْرَأَةٌ وَزَوْجُهَا، وَاشْتَكَتْ مِنْهُ أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهَا ذَلِكَ، فَقَالَ: قَدْ اُبْتُلِيت، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ: نُصَّ فِي كِتَابِ السِّرِّ عَنْ مَالِكٍ عَلَى إبَاحَتِهِ، وَرَوَاهُ عَنْهُ أَهْلُ مِصْرَ، وَأَهْلُ الْمَغْرِبِ.
قُلْت. وَكِتَابُ السِّرِّ وَقَفْت عَلَيْهِ فِي كُرَّاسَةٍ لَطِيفَةٍ مِنْ رِوَايَةِ الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى نَوَادِرَ مِنْ الْمَسَائِلِ، وَفِيهَا كَثِيرٌ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْخُلَفَاءِ، وَلِأَجْلِ هَذَا سُمِّيَ كِتَابُ السِّرِّ، وَفِيهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ أُسَامَةَ التُّجِيبِيُّ وَهَذَّبَهُ، وَرَتَّبَهُ عَلَى الْأَبْوَابِ، وَأَخْرَجَ لَهُ أَشْبَاهًا وَنَظَائِرَ فِي كُلِّ بَابٍ.
وَرَوَى فِيهِ مِنْ طَرِيقِ مَعْنِ بْنِ عِيسَى، سَأَلْت مَالِكًا عَنْهُ فَقَالَ. مَا أَعْلَمُ فِيهِ تَحْرِيمًا.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي كِتَابِ الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ فِي شَرْحِ الْعُتْبِيَّةِ: رَوَى الْعُتْبِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ، وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ مُخَلِّيًا بِهِ، فَقَالَ. حَلَالٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَمْ أُدْرِك أَحَدًا اُقْتُدِيَ بِهِ فِي دِينٍ يَشُكُّ فِيهِ، وَالْمَدَنِيُّونَ يَرْوُونَ الرُّخْصَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يُشِيرُ بِذَلِكَ إلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: فَلَهُ طُرُقٌ رَوَاهُ عَنْهُ نَافِعٌ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَسَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، وَغَيْرُهُمْ، أَمَّا نَافِعٌ، فَاشْتُهِرَ عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا، مِنْهَا رِوَايَةُ مَالِكٍ، وَأَيُّوبَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمْرِيِّ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ، وَهِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، وَعُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، وَأَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، وَإِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن أَبِي فَرْوَةَ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ، فِي أَحَادِيثِ مَالِكٍ الَّتِي رَوَاهَا خَارِجَ الْمُوَطَّأِ: نَا أَبُو جَعْفَرٍ الْأُسْوَانِيُّ الْمَالِكِيُّ بِمِصْرٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ، نَا أَبُو الْحَارِثِ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْفِهْرِيُّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute