للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَائِدَةٌ) :

مَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ، لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَصْحَابِهِمْ إلَّا عَنْ نَاسٍ قَلِيلٍ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: كَانَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْأَصِيلِيُّ يُجِيزُهُ وَيَذْهَبُ فِيهِ إلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّمٍ، وَصَنَّفَ فِي إبَاحَتِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ شَعْبَانَ، وَنَقَلَا ذَلِكَ عَنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ التَّابِعِينَ.

وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَالْمَازِرِيِّ مَا يُومِئُ إلَى جَوَازِ ذَلِكَ أَيْضًا، وَحَكَى ابْنُ بَزِيزَةَ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: هُوَ أَحَلُّ مِنْ الْمَاءِ الْبَارِدِ، وَأَنْكَرَهُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَصْلًا وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، وَابْنُ عَطِيَّةَ قَبْلَهُ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ بِذَلِكَ، وَلَوْ ثَبَتَتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ لِأَنَّهَا مِنْ الزَّلَّاتِ.

وَذَكَرَ الْخَلِيلِيُّ فِي الْإِرْشَادِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا رَجَعَ عَنْهُ، وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ الْحَاجِبِ، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ إنْكَارُ ذَلِكَ، وَتَكْذِيبُ مَنْ نَقَلَهُ عَنْهُ، لَكِنَّ الَّذِي رَوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ. وَالصَّوَابُ مَا حَكَاهُ الْخَلِيلِيُّ فَقَدْ ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَبَاحَهُ، رَوَى الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: كُنْت عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا رِوَايَةَ مَالِكٍ فَجَاءَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ارْوِ لَنَا مَا رَوَيْت، فَامْتَنَعَ أَنْ يَرْوِيَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَقَالَ: أَحَدُكُمْ يَصْحَبُ الْعَالِمَ، فَإِذَا تَعَلَّمَ مِنْهُ لَمْ يُوجِبْ لَهُ مِنْ حَقِّهِ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ أَقْبَحِ مَا يُرْوَى عَنْهُ، وَأَبَى أَنْ يَرْوِيَ ذَلِكَ.

وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَتُهُ، وَتَكْذِيبُ مَنْ نَقَلَهُ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ حِصْنٍ، عَنْ إسْرَائِيلَ بْنِ رَوْحٍ، قَالَ: سَأَلْت مَالِكًا عَنْهُ، فَقَالَ: مَا أَنْتُمْ قَوْمُ عَرَبٍ، هَلْ يَكُونُ الْحَرْثُ إلَّا مَوْضِعَ الزَّرْعِ؟ قُلْت: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إنَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ، قَالَ: يَكْذِبُونَ عَلَيَّ، وَالْعُهْدَةُ فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ عَلَى إسْمَاعِيلَ فَإِنَّهُ وَاهِي الْحَدِيثِ.

وَقَدْ رَوَيْنَا فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ لِلْحَاكِمِ قَالَ: نَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيُّ، نَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، سَمِعْت الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: يُجْتَنَبُ، أَوْ يُتْرَكُ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْحِجَازِ خَمْسٌ، وَمِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ خَمْسٌ، مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْحِجَازِ: اسْتِمَاعُ الْمَلَاهِي، وَالْمُتْعَةُ، وَإِتْيَانُ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ، وَالصَّرْفُ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَمِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِرَاقِ: شُرْبُ النَّبِيذِ، وَتَأْخِيرُ الْعَصْرِ حَتَّى يَكُونَ ظِلُّ الشَّيْءِ أَرْبَعَةَ أَمْثَالِهِ، وَلَا جُمُعَةَ إلَّا فِي سَبْعَةِ أَمْصَارٍ، وَالْفِرَارُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>