للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إسْنَادِهِ كَوْثَرُ بْنُ حَكِيمٍ، وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: إنَّهُ مَتْرُوكٌ.

قَوْلُهُ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ قَاتَلَ مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَسَبَبُهُ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالُوا لَهُ: " أُمِرْنَا بِدَفْعِ الزَّكَاةِ إلَى مَنْ صَلَاتُهُ سَكَنٌ لَنَا، وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى مَا قَالَ اللَّهُ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣]- إلَى قَوْلِهِ - {سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: ١٠٣] قَالُوا: وَصَلَوَاتُ غَيْرِهِ لَيْسَتْ سَكَنًا لَنَا " انْتَهَى. أَمَّا قِتَالُ أَبِي بَكْرٍ لِمَانِعِي الزَّكَاةِ فَمَشْهُورٌ، وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ، وَأَمَّا هَذَا السَّبَبُ فَلَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى أَصْلٍ.

قَوْلُهُ: " إنَّ عَلِيًّا قَاتَلَ أَصْحَابَ الْجَمَلِ، وَأَهْلَ الشَّامِ وَالنَّهْرَوَانِ، وَلَمْ يَتَّبِعْ بَعْدُ لِاسْتِيلَاءِ مَا أَخَذُوهُ مِنْ الْحُقُوقِ ". وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِي التَّوَارِيخِ الثَّابِتَةِ، وَقَدْ اسْتَوْفَاهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْ تَكْلِيفِ إيرَادِ الْأَسَانِيدِ لَهُ، وَقَدْ حَكَى عِيَاضٌ، عَنْ هِشَامٍ وَعَبَّادٍ أَنَّهُمَا أَنْكَرَا وَاقِعَةَ الْجَمَلِ أَصْلًا وَرَأْسًا، وَكَذَا أَشَارَ إلَى إنْكَارِهَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَوَاصِمِ، وَابْنُ حَزْمٍ، وَلَمْ يُنْكِرْهَا هَذَانِ أَصْلًا وَرَأْسًا، وَإِنَّمَا أَنْكَرَا وُقُوعَ الْحَرْبِ فِيهَا عَلَى كَيْفِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُوَ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّهُ مُكَابَرَةٌ لِمَا ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ الْمَقْطُوعِ بِهِ.

(فَائِدَةٌ) كَانَتْ وَقْعَةُ الْجَمَلِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَكَانَتْ وَقْعَةُ صَفِّينَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَاسْتَمَرَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَكَانَتْ النَّهْرَوَانُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ.

قَوْلُهُ: ثَبَتَ أَنَّ أَهْلَ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ وَالنَّهْرَوَانِ بُغَاةٌ. هُوَ كَمَا قَالَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَلِيٍّ: " أُمِرْت بِقِتَالِ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ ". رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْخَصَائِصِ وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالنَّاكِثِينَ: أَهْلُ الْجَمَلِ؛ لِأَنَّهُمْ نَكَثُوا بَيْعَتَهُ، وَالْقَاسِطِينَ: أَهْلُ الشَّامِ؛ لِأَنَّهُمْ جَارُوا عَنْ الْحَقِّ فِي عَدَمِ مُبَايَعَتِهِ، وَالْمَارِقِينَ: أَهْلُ النَّهْرَوَانِ لِثُبُوتِ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِيهِمْ: «أَنَّهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ» ، وَثَبَتَ فِي أَهْلِ الشَّامِ حَدِيثُ عَمَّارٍ: «تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>