كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَسُمِّيَتْ الْأُولَى ذَاتَ الرِّقَاعِ بِجَبَلٍ صَغِيرٍ، وَالثَّانِيَةُ كَمَا قَالَ أَبُو مُوسَى بِالرِّقَاعِ الَّتِي لَفُّوا بِهَا أَرْجُلَهُمْ مِنْ الْحَفَاءِ، وَبِهَذَا يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْبُخَارِيُّ، وَأَحْوَجَهُ إلَى أَنْ يَقُولَ: إنَّ ذَاتَ الرِّقَاعِ كَانَتْ سَنَةَ سَبْعٍ.
وَأَمَّا غَزْوَةُ الْخَنْدَقِ: فَبِهَذَا جَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّلْقِيحِ، وَعِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ كَانَتْ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ، وَعِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ: فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا كَانَتْ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ، وَبِهِ جَزَمَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ، وَاحْتَجَّ لَهُ النَّوَوِيُّ بِحَدِيثِ «ابْنِ عُمَرَ: عُرِضْت عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشَرَةَ فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعُرِضْت عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِي» . قَالَ: وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أُحُدًا فِي الثَّالِثَةِ، قُلْت: وَلَا حُجَّةَ فِيهِ: لِأَنَّ أُحُدًا كَانَتْ فِي شَوَّالٍ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي أُحُدٍ طُعِنَ فِي الرَّابِعَةَ عَشْرَ، وَفِي الْخَنْدَقِ اسْتَكْمَلَ الْخَامِسَةَ عَشْرَ، فَلَعَلَّهُ كَانَ فِي أُحُدٍ فِي نِصْف الرَّابِعَةَ عَشْرَ مَثَلًا، فَلَا يَسْتَكْمِلُ خَمْسَ عَشْرَةَ إلَّا أَثْنَاءَ سَنَةِ خَمْسٍ، إلَّا أَنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا الْجَمْعِ مَا جَزَمُوا بِهِ مِنْ أَنَّهَا كَانَتْ أَيْضًا فِي شَوَّالٍ.
(تَنْبِيهٌ) صَحَّحَ الْحَافِظُ شَرَفُ الدِّينِ الدِّمْيَاطِيُّ: أَنَّ غَزْوَةَ الْمُرَيْسِيعِ كَانَتْ فِي سَنَةِ خَمْسٍ، وَأَمَّا ابْنُ دِحْيَةَ فَصَحَّحَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي سَنَةِ سِتٍّ، وَأَمَّا غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ فَتَبِعَ فِيهِ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ وَهُوَ غَلَطٌ فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ بَدْرٍ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلَاثٍ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّلْقِيحِ، وَالنَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: كَانَتْ فِي رَبِيعِ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ.
(فَائِدَةٌ) كَانَتْ الْحُدَيْبِيَةُ فِي سَنَةِ سِتٍّ بِلَا خِلَافٍ، وَأَمَّا غَزْوَةُ خَيْبَرَ فِي السَّابِعَةِ، فَهُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي، وَنَقَلَ ابْنُ الطَّلَّاعِ عَنْ ابْنِ هِشَامٍ أَنَّهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ، وَهُوَ نَقْلٌ شَاذٌّ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّهَا كَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute