١٢٩ - (٨) - قَوْلُهُ: ذُكِرَ أَنَّ سَبَبَ الْمَنْعِ فِي الصَّحْرَاءِ، أَنَّهَا لَا تَخْلُو مِنْ مُصَلٍّ، مَلَكٍ أَوْ إنْسِيٍّ أَوْ جِنِّيٍّ، فَرُبَّمَا وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى عَوْرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَالشَّعْبِيِّ، انْتَهَى.
أَمَّا ابْنُ عُمَرَ، فَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إلَيْهَا، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا؟ قَالَ: إنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَضَاءِ، فَإِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُكَ فَلَا بَأْسَ، وَلَيْسَ فِي هَذَا السِّيَاقِ مَقْصُودُ التَّعْلِيلِ،
وَأَمَّا الشَّعْبِيُّ فَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى الْحَنَّاطِ قَالَ: قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ: إنِّي لَأَعْجَبُ لِاخْتِلَافِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، قَالَ نَافِعٌ، عَنْ «ابْنِ عُمَرَ: دَخَلْتُ بَيْتَ حَفْصَةَ، فَحَانَتْ مِنِّي الْتِفَاتَةٌ، فَرَأَيْتُ كَنِيفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ» . وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْغَائِطَ، فَلَا يَسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا. قَالَ الشَّعْبِيُّ، صَدَقَا جَمِيعًا، أَمَّا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَهُوَ فِي الصَّحْرَاءِ، فَإِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا مَلَائِكَةً وَجِنًّا يُصَلُّونَ، فَلَا يَسْتَقْبِلْهُمْ أَحَدٌ بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ، وَلَا يَسْتَدْبِرْهُمْ، وَأَمَّا كُنُفُكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّمَا هِيَ بُيُوتٌ بُنِيَتْ، لَا قِبْلَةَ فِيهَا، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مُخْتَصَرًا.
١٣٠ - (٩) -: وَأَمَّا فِي الْأَبْنِيَةِ، فَالْحُشُوشُ لَا يَحْضُرُهَا إلَّا الشَّيَاطِينُ، كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، مَرْفُوعًا «إنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ، فَإِذَا أَتَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute