الْخَطَّابِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الْأُمَّهَاتِ كَانَ مُبَاحًا، ثُمَّ نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِ حَيَاتِهِ.
وَلَمْ يَشْتَهِرْ ذَلِكَ النَّهْيُ. فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ نَهَاهُمْ. قَوْلُهُ: خَالَفَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي ذَلِكَ. الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ: مِنْهَا: عَنْ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلَانِ إلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتُمَا؟ قَالَا: مِنْ قِبَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَحَلَّ لَنَا أَشْيَاءَ كَانَتْ تَحْرُمُ عَلَيْنَا، قَالَ: مَا أَحَلَّ لَكُمْ؟ قَالَا: أَحَلَّ لَنَا بَيْعَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، قَالَ: أَتَعْرِفَانِ أَبَا حَفْصٍ عُمَرَ؟ فَإِنَّهُ نَهَى أَنْ تُبَاعَ أَوْ تُوهَبَ أَوْ تُورَثَ، يَسْتَمْتِعُ بِهَا مَا كَانَ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ " قَوْلُهُ: إنَّ الصَّحَابَةَ اتَّفَقَتْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فِي عَهْدِ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ. قَالَ: وَمَشْهُورٌ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرَ عَلَى أَنَّ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ لَا يُبَعْنَ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ أَبِيعَهُنَّ، فَقَالَ لَهُ عُبَيْدَةُ بْنُ عَمْرٍو: رَأْيُك مَعَ رَأْيِ عُمَرَ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ رَأْيِك وَحْدَك. فَيُقَالُ: إنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ.
قُلْت: الْأَوَّلُ ذَكَرَهُ مُسْتَنْبَطًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ سَمِعْت عَلِيًّا يَقُولُ: اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرَ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ أَلَّا يُبَعْنَ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْدُ أَنْ يُبَعْنَ. قَالَ عُبَيْدَةُ: فَقُلْت لَهُ: فَرَأْيُك وَرَأْيُ عُمَرَ فِي الْجَمَاعَةِ، أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ رَأْيِك وَحْدَك فِي الْفُرْقَةِ.
وَهَذَا الْإِسْنَادُ مَعْدُودٌ فِي أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: نَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيِّ قَالَ: اسْتَشَارَنِي عُمَرُ فِي بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، فَرَأَيْت أَنَا وَهُوَ أَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ عَتَقَتْ، فَعَمِلَ بِهِ عُمَرُ حَيَاتَهُ، وَعُثْمَانُ حَيَاتَهُ، فَلَمَّا وَلِيت رَأَيْت أَنْ أَرِقَّهُنَّ قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَحَدَّثَنِي ابْنُ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ لِعُبَيْدَةَ: فَمَا تَرَى أَنْتَ؟ قَالَ: رَأْيُ عَلِيٍّ وَعُمَرَ فِي الْجَمَاعَةِ، أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ حِينَ أَدْرَكَ الِاخْتِلَافَ ٢٧٤٣ - وَقَوْلُهُ: فَيُقَالُ: إنَّ عَلِيًّا رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ.
قُلْت: أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute