أَنَّ الْمَأْمُورَ بِلَالٌ، فَلَا يَنْتَهِضُ لِمَا ذَكَرَاهُ، وَأَيْضًا فَفِي إسْنَادِهِ أَبُو جَابِرٍ الْبَيَاضِيُّ وَهُوَ كَذَّابٌ. قَوْلُهُ: «كَانَ بِلَالٌ وَغَيْرُهُ مِنْ مُؤَذِّنِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤَذِّنُونَ قِيَامًا» ، أَمَّا قِيَامُ بِلَالٍ: فَثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَفِيهِ: «قُمْ يَا بِلَالُ، فَنَادِ بِالصَّلَاةِ» . وَفِي الِاسْتِدْلَال بِهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ اذْهَبْ إلَى مَوْضِعٍ بَارِزٍ فَنَادِ فِيهِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَعِنْدَ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا عَلَّمَهُ الْأَذَانَ قَالَ لَهُ: قُمْ فَأَذِّنْ بِالصَّلَاةِ» وَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ، وَعِنْدِ أَبِي دَاوُد مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ، عَنْ امْرَأَة مِنْ بَنِي النَّجَّارِ قَالَتْ: «كَانَ بَيْتِي أَطْوَلَ بَيْتٍ حَوْلَ الْمَسْجِدِ، فَكَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ عَلَيْهِ الْفَجْرَ، فَيَأْتِي بِسَحَرٍ فَيَجْلِسُ عَلَى الْبَيْتِ يَنْتَظِرُ الْفَجْرَ، فَإِذَا رَآهُ تَمَطَّأَ» . وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ الْعِلْمُ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُؤَذِّنَ الْمُؤَذِّنُ قَائِمًا قَالَ: وَرَوَيْنَا عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ الصَّحَابِيِّ أَنَّهُ أَذَّنَ وَهُوَ قَاعِدٌ، قَالَ: وَثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُؤَذِّنُ عَلَى الْبَعِيرِ، وَيَنْزِلُ فَيُقِيمُ، وَسَيَأْتِي حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَرِيبًا - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ، قَالَ إِسْحَاقُ فِي مُسْنَدِهِ: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: «جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي رَأَيْتُ رَجُلًا نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ، فَقَامَ عَلَى جِذْمِ حَائِطٍ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ» . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِي الْكَامِلِ لِابْنِ عَدِيٍّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدِ الْقَرَظِ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ آبَائِهِ: «أَنَّ بِلَالًا كَانَ إذَا كَبَّرَ بِالْأَذَانِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ» . وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute