أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنِي «جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِرَجُلٍ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ يُرَشُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ، فَقَالَ: مَا بَالُ صَاحِبِكُمْ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَائِمٌ قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ، وَعَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ فَاقْبَلُوا» . قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: إسْنَادُهَا حَسَنٌ مُتَّصِلٌ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ جَابِرٌ فَذَكَرَهُ بِاللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ.
(تَنْبِيهٌ) :
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: هَذَا الْحَدِيثُ يَرْوِيهِ عَنْ جَابِرٍ رَجُلَانِ: كُلٌّ مِنْهُمَا اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَرَوَاهُ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: أَحَدُهُمَا ابْنُ ثَوْبَانَ، وَالْآخَرُ ابْنُ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، فَابْنُ ثَوْبَانَ سَمِعَهُ مِنْ جَابِرٍ، وَابْنُ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ رَوَاهُ بِوَاسِطَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَسَنٍ، وَهِيَ رِوَايَةُ الصَّحِيحَيْنِ.
(فَائِدَةٌ) :
رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيِّ بِلَفْظِ: " لَيْسَ مِنْ امبر امصيام امسفر ". وَهَذِهِ لُغَةٌ لِبَعْضِ أَهْلِ الْيَمَنِ، يَجْعَلُونَ لَامَ التَّعْرِيفِ مِيمًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاطَبَ بِهَا بِهَذَا الْأَشْعَرِيَّ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا لُغَتُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَشْعَرِيُّ هَذَا نَطَقَ بِهَا عَلَى مَا أَلِفَ مِنْ لُغَتِهِ، فَحَمَلَهَا عَنْهُ الرَّاوِي عَنْهُ، وَأَدَّاهَا بِاللَّفْظِ الَّذِي سَمِعَهَا بِهِ، وَهَذَا الثَّانِي أَوْجَهُ عِنْدِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
٩١٨ - (٤٥) - حَدِيثُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ النَّاسَ بِالْفِطْرِ عَامَ الْفَتْحِ، وَقَالَ: تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُمْ» مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: «إنَّكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ» . قَالَ: فَكَانَتْ رُخْصَةً، فَمِنَّا مَنْ صَامَ وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ، ثُمَّ نَزَلْنَا مَنْزِلًا آخَرَ فَقَالَ: «إنَّكُمْ مُصَبِّحُو عَدُوِّكُمْ، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ، فَأَفْطِرُوا» فَكَانَتْ عَزْمَةً فَأَفْطَرْنَا - الْحَدِيثَ - وَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ سُمِيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ بَعْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute