مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ مِنْ الشَّهْرِ السَّبْتَ، وَالْأَحَدَ، وَالِاثْنَيْنِ، وَمِنْ الشَّهْرِ الْآخَرِ: الثُّلَاثَاءَ وَالْأَرْبِعَاءَ وَالْخَمِيسَ» .
(تَنْبِيهٌ) :
قَدْ أُعِلَّ حَدِيثُ الصَّمَّاءِ بِالْمُعَارَضَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَأُعِلَّ أَيْضًا بِاضْطِرَابٍ، فَقِيلَ هَكَذَا، وَقِيلَ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ وَلَيْسَ فِيهِ عَنْ أُخْتِهِ الصَّمَّاءِ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ حِبَّانَ، وَلَيْسَتْ بِعِلَّةٍ قَادِحَةٍ، فَإِنَّهُ أَيْضًا صَحَابِيٌّ، وَقِيلَ: عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ بُسْرٍ، وَقِيلَ: عَنْهُ، عَنْ الصَّمَّاءِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ مُضْطَرِبٌ، قُلْت: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ أُخْتِهِ، وَعِنْدَ أُخْتِهِ بِوَاسِطَةٍ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ مَنْ صَحَّحَهُ، وَرَجَّحَ عَبْدُ الْحَقِّ الرِّوَايَةَ الْأُولَى، وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيّ، لَكِنَّ هَذَا التَّلَوُّنَ فِي الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ بِالْإِسْنَادِ الْوَاحِدِ مَعَ اتِّحَادِ الْمَخْرَجِ، يُوهِنُ رَاوِيَهُ وَيُنْبِئُ بِقِلَّةِ ضَبْطِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الْحُفَّاظِ الْمُكْثِرِينَ الْمَعْرُوفِينَ بِجَمْعِ طُرُقِ الْحَدِيثِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ دَالًّا عَلَى قِلَّةِ ضَبْطِهِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ هُنَا كَذَا، بَلْ اُخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا عَلَى الرَّاوِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ أَيْضًا، وَادَّعَى أَبُو دَاوُد: أَنَّ هَذَا مَنْسُوخٌ، وَلَا يَتَبَيَّنُ وَجْهُ النَّسْخِ فِيهِ، قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ مِنْ كَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، ثُمَّ فِي آخِرِ أَمْرِهِ قَالَ: خَالِفُوهُمْ، فَالنَّهْيُ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ يُوَافِقُ الْحَالَةَ الْأُولَى، وَصِيَامُهُ إيَّاهُ يُوَافِقُ الْحَالَةَ الثَّانِيَةَ، وَهَذِهِ صُورَةُ النَّسْخِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
٩٤٠ - (١٣) - حَدِيثُ: أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «لَا صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ، صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِلَفْظِ: «الْأَبَدِ بَدَلَ الدَّهْرِ» .
٩٤١ - (١٤) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ» . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ؟ قَالَ: «لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ» . وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ نَحْوُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute