للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَدِّهِ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَقَضَى الْقَاضِي بِهَا وَبَعْدَ مُدَّةٍ أَقَرَّ الْمُدَّعِي الْمَزْبُورُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ يَبْطُلُ الْقَضَاءُ الْمَذْكُورُ؟

(الْجَوَابُ) : يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ وَأَمَّا بَقِيَّةُ الذُّرِّيَّةِ فَهُمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ مِنْ الْوَقْفِ وَرَاجِعْ رِسَالَةَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِيمَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ هَلْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ هَذَا مَحْضُ إقْرَارٍ لَا إسْقَاطُ حَقٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(أَقُولُ) صَرَّحَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي تِلْكَ الرِّسَالَةِ أَخْذًا مِمَّا فِي الْخَانِيَّةِ بِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لَا يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ وَبِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَمَا فِي فَتَاوَاهُ آخِرَ كِتَابِ الْوَقْفِ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُحَقِّقُ أَبُو السُّعُودِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّهُ مَحْضُ إقْرَارٍ أَيْ أَنَّ إقْرَارَهُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَقْفِ لَيْسَ إسْقَاطًا حَتَّى يَلْغُوَ بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ إقْرَارٍ مُتَضَمِّنٍ أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ فَيُؤَاخَذُ بِهِ وَحْدَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مُشْتَمِلٍ عَلَى عَقَارَاتٍ قَبَضَ نَاظِرُهُ أُجُورَهَا بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهَا عَنْ سَنَةِ كَذَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ وَاقِفُهُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ وَطَلَبَ مُسْتَحِقُّو الْوَقْفِ اسْتِحْقَاقَهُمْ مِنْ الْمَقْبُوضِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُمْ؟

(الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ تَكُنْ عَقَارَاتُ الْوَقْفِ مُحْتَاجَةً لِلْعِمَارَةِ وَلَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ يَسُوغُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَدَّخِرَ شَيْئًا عِنْدَ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ أَوَاخِرَ كِتَابِ الْوَقْفِ، وَعِبَارَتُهَا فَقَدْ اسْتَفَدْنَا أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ ثُمَّ الْفَاضِلِ عَنْهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي أَوْقَافِ الْقَاهِرَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ إمْسَاكُ قَدْرِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْعِمَارَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ كَانَ الْآنَ لَا يَحْتَاجُ الْمَوْقُوفُ إلَى الْعِمَارَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ لِلْفَقِيهِ، وَعَلَى هَذَا فَيُفَرَّقُ بَيْنَ اشْتِرَاطِ تَقْدِيمِ الْعِمَارَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَالسُّكُوتِ عَنْهُ فَإِنَّهُ مَعَ السُّكُوتِ تُقَدَّمُ الْعِمَارَةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَلَا يُدَّخَرُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَمَعَ الِاشْتِرَاطِ تُقَدَّمُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَيُدَّخَرُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِهَا ثُمَّ يُفَرَّقُ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا جَعَلَ الْفَاضِلَ عَنْهَا لِلْفُقَرَاءِ، نَعَمْ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا لَا يَدَّخِرُ لَهَا عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ فَعَلَى هَذَا يَدَّخِرُ النَّاظِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرًا لِلْعِمَارَةِ اهـ.

وَتَمَامُهُ فِيهَا، قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هُوَ الْقَوْلُ الْمُعْتَمَدُ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى فِي الْمَذْهَبِ كَمَا فِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ اهـ حَمَوِيٌّ.

(سُئِلَ) فِي مَسْجِدٍ لَهُ إمَامٌ وَمُؤَذِّنٌ وَفَرَّاشٌ لَهُمْ مَعْلُومٌ مُعَيَّنٌ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَاحْتَاجَ الْمَسْجِدُ لِتَعْمِيرٍ ضَرُورِيٍّ وَغَلَّةُ الْوَقْفِ لَا تَفِي بِالصَّرْفِ لِلْجَمِيعِ وَإِذَا قُطِعَ عَلَى الْمَذْكُورِينَ يَلْزَمُ تَعْطِيلُ الْمَسْجِدِ فَهَلْ يَكُونُونَ مُلْحَقِينَ بِالْعِمَارَةِ فَلَا يُقْطَعُ عَلَيْهِمْ؟

(الْجَوَابُ) : الْعِمَارَةُ مُقَدَّمَةٌ فِي الْوَقْفِ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَوْ لَمْ يَشْرِطْ إلَّا إذَا كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَرْكُ عَمَلِهِ لِضَرَرٍ بَيِّنٍ كَالْإِمَامِ وَنَحْوِهِ فَيُعْطَى مَعَهَا وَأَمَّا مَا لَيْسَ فِي قَطْعِهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى زَمَنَ الْعِمَارَةِ إذَا لَمْ تَفِ بِالصَّرْفِ لِلْجَمِيعِ مَعَ الْعِمَارَةِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ضَاقَ رَيْعُ مَدْرَسَةٍ وَلِلْمَدْرَسَةِ مُدَرِّسٌ وَمُتَوَلٍّ وَكَاتِبٌ وَمُعْتَمِدٌ وَقَارِئُ حَدِيثٍ وَقَارِئُ مَا تَيَسَّرَ فَكَيْفَ يُوَزَّعُ بَيْنَهُمْ؟

(الْجَوَابُ) : الْمُدَرِّسُ الْمُلَازِمُ لِلتَّدْرِيسِ فِيهَا إذَا كَانَ عَالِمًا يَتَقَيَّدُ وَكَانَتْ تَتَعَطَّلُ بِغَيْبَتِهِ إذَا لَازَمَهَا يُدْفَعُ لَهُ الْمَشْرُوطُ لَهُ وَلَا يَكُونُ الْمُدَرِّسُ مِنْ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ إلَّا إذَا لَازَمَ التَّدْرِيسَ عَلَى حُكْمِ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَالْمُتَوَلِّي مِنْ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ وَالْكَاتِبُ مِنْ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ زَمَنَ الْعِمَارَةِ لَا كُلَّ وَقْتٍ وَبَقِيَّتُهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ كَذَا أَفْتَى الْمِهْمَنْدَارِي وَفِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ سُئِلَ فِي وَقْفِ مَسْجِدٍ عَامِرٍ ضَاقَ رَيْعُهُ عَنْ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ مِنْ الْخَطِيبِ وَالْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْ أَرْبَابِ وَظَائِفِهِ فَمَنْ يُقَدَّمُ أَجَابَ يُقَدَّمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ الَّذِينَ هُمْ أَقْرَبُ إلَى الْعِمَارَةِ إذَا بَاشَرُوا الْعَمَلَ الْمَشْرُوطَ وَيُبْدَأُ بِالْخَطِيبِ وَالْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ سَوِيَّةً وَيُصْرَفُ إلَيْهِمْ مَا شُرِطَ، ثُمَّ إلَى الْمُبَاشِرِينَ كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>