للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْفُصُولَيْنِ وَفَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ دَفَعَ إلَى ابْنِهِ مَالًا فَأَرَادَ أَخْذَهُ صُدِّقَ أَنَّهُ دَفَعَهُ قَرْضًا لِأَنَّهُ مُمَلِّكٌ دَفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ فَقَالَ لَهُ أَنْفِقْهَا فَفَعَلَ فَهُوَ قَرْضٌ كَمَا لَوْ قَالَ اصْرِفْهَا إلَى حَوَائِجِك وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا وَقَالَ اكْتَسِ بِهِ فَفَعَلَ يَكُونُ هِبَةً؛ لِأَنَّ قَرْضَ الثَّوْبِ بَاطِلٌ لِسَانُ الْحُكَّامِ فِي هِبَةِ الْمَرِيضِ وَغَيْرِهِ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ دَرَاهِمَ فَأَنْفَقَهَا وَقَالَ صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ أَقْرَضْتُك وَقَالَ الْقَابِضُ لَا بَلْ وَهَبْتنِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الدَّرَاهِمِ مِنْ نِكَاحِ الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ أَلْفًا فَبَرْهَنَ وَارِثُهُ أَنَّ الْأَبَ أَعْطَى أَلْفًا يُقْبَلُ وَالْوَارِثُ يُصَدَّقُ فِي أَنَّ الْأَبَ أَعْطَاهُ بِجِهَةِ الدَّيْنِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ فَيُصَدَّقُ فِي جِهَةِ التَّمْلِيكِ فُصُولَيْنِ مِمَّا يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُمَلَّكِ.

(سُئِلَ) فِي دَارٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ وَالْمُتَوَلُّونَ عَلَى الْوَقْفِ مُتَصَرِّفُونَ بِهَا وَاضِعُونَ يَدَهُمْ عَلَيْهَا وَيُؤَجِّرُونَهَا وَيَقْبِضُونَ أُجْرَتَهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَالْآنَ قَامَ نَاظِرُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ يَدَّعِي أَنَّهَا جَارِيَةٌ فِي الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ ذِكْرِهَا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَضْعُ يَدٍ وَلَا تَصَرَّفَ فِيهَا لِجِهَةِ وَقْفِهِ وَمَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَدَّعِ بِلَا مَانِعٍ شَرْعِيٍّ وَالْجَمِيعُ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ تَرَكَ الدَّعْوَى ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَانِعٌ مِنْ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الدَّعْوَى يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ ظَاهِرًا اهـ.

وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ ذِكْرِهَا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ مَعَ عَدَمِ التَّصَرُّفِ بِذَلِكَ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ فِي يَدِهِ ضَيْعَةٌ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ وَأَحْضَرَ صَكًّا فِيهِ خُطُوطُ الْعُدُولِ وَالْقُضَاةِ الْمَاضِينَ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي الْقَضَاءَ بِذَلِكَ الصَّكِّ قَالُوا لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ الصَّكِّ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يَقْضِي بِالْحُجَّةِ وَالْحُجَّةُ هِيَ الْبَيِّنَةُ أَوْ الْإِقْرَارُ وَأَمَّا الصَّكُّ فَلَا يَصْلُحُ حُجَّةً؛ لِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ. اهـ.

(أَقُولُ) اُنْظُرْ التَّوْفِيقَ بَيْنَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ قَوْلِهِمْ يَسْلُكُ بِمُنْقَطِعِ الثُّبُوتِ الْمَجْهُولَةِ شَرَائِطُهُ وَمَصَارِفُهُ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ اهـ وَفِي الْخَصَّافِ لَوْ صَارَ قَاضِيًا عَلَى بَلَدٍ فَوَجَدَ فِي دِيوَانِ الْقَاضِي الَّذِي قَبْلَهُ ذِكْرُ وُقُوفٍ فِي أَيْدِي الْأُمَنَاءِ فَوَجَدَ لَهَا رُسُومًا فِي دِيوَانِهِ يَحْمِلُهُمْ عَلَى ذَلِكَ فِي الِاسْتِحْسَانِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْإِسْعَافِ وَفِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْمُلْتَقَى آخِرَ الْكِتَابِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى قَالُوا الْكِتَابُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ مُسْتَبِينٌ مَرْسُومٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُعَنْوَنًا أَيْ مُصَدَّرًا بِالْعِنْوَانِ وَهُوَ أَنْ يُكْتَبَ فِي صَدْرِهِ مِنْ فُلَانٍ إلَى فُلَانٍ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فَهَذَا كَالنُّطْقِ فَلَزِمَ حُجَّةٌ وَمُسْتَبِينٌ غَيْرُ مَرْسُومٍ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْجُدْرَانِ وَأَوْرَاقِ الْأَشْجَارِ أَوْ عَلَى الْكَاغَدِ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً إلَّا بِانْضِمَامِ شَيْءٍ آخَرَ إلَيْهِ كَالنِّيَّةِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَالْإِمْلَاءِ عَلَى الْغَيْرِ حَتَّى يَكْتُبَهُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ وَنَحْوِهَا وَبِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَتَعَيَّنُ الْجِهَةُ.

وَقِيلَ الْإِمْلَاءُ بِلَا إشْهَادٍ لَا يَكُونُ حُجَّةً وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَغَيْرُ مُسْتَبِينٍ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْهَوَاءِ أَوْ الْمَاءِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ كَلَامٍ غَيْرِ مَسْمُوعٍ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَحْكَامِ وَإِنْ نَوَى اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ صَرِيحٌ وَالثَّانِيَ كِنَايَةٌ وَالثَّالِثَ لَغْوٌ وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ شَخْصٍ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ وَأَظْهَرَ خَطَّ يَدِهِ بِذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي أَنَّهَا لَيْسَتْ خَطَّهُ أَمْ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ يَسْتَكْتِبُهُ فَأَجَابَ إذَا كَتَبَ عَلَى رَسْمِ الصُّكُوكِ وَجَحَدَ أَنَّهُ خَطُّهُ يَحْلِفُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِخَطِّهِ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ الْكِتَابَةَ أَوْ يَسْتَكْتِبُهُ الْقَاضِي فَإِذَا كَتَبَ وَقَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ هُمَا وَاحِدٌ أَلْزَمَهُ الْحَقَّ وَإِنْ اعْتَرَفَ أَنَّهُ خَطُّهُ وَأَنْكَرَ مَا كَتَبَ فِيهِ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ قَبَضَهُ وَقَضَى لَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَا يَقْضِي لَهُ وَأَجَابَ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ إذَا كَتَبَ عَلَى رَسْمِ الصُّكُوكِ يَلْزَمُهُ الْمَالُ وَهُوَ أَنْ يَكْتُبَ يَقُولُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ إنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ كَذَا كَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>