فَهُوَ إقْرَارٌ يَلْزَمُ وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ عَلَى هَذَا الرَّسْمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ.
وَأَجَابَ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ إذَا كَتَبَ إقْرَارَهُ عَلَى الرَّسْمِ الْمُتَعَارَفِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ فَيَسَعُ مِنْ شَاهِدٍ كِتَابَتُهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ إذَا جَحَدَ إذَا عَرَفَ الشَّاهِدُ مَا كَتَبَ إقْرَارَهُ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ خَطُّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشَاهِدُوا كِتَابَتَهُ فَلَا يُحْكَمُ بِذَلِكَ وَسُئِلَ عَمَّنْ أَنْكَرَ الْمَسْطُورَ هَلْ يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا كَتَبَ عَلَيْهِ أَمْ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ فَأَجَابَ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ خَاصَّةً اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اضْطَرَبَ كَلَامُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْعَمَلِ بِالْخَطِّ وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ أَوْ أَنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّعْبِيرُ بِلَفْظِ قَالُوا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ مَا مُلَخَّصُهُ إذَا كَتَبَ إقْرَارَهُ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا لَا يَكُونُ إقْرَارًا فَلَا تَحِلُّ الشَّهَادَةُ بِهِ وَلَوْ كَانَ مَصْدَرًا مَرْسُومًا وَإِنْ لِغَائِبٍ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَامَّةُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ إلَخْ فَأَفَادَ إنَّ عَامَّةَ عُلَمَائِنَا عَلَى عَدَمِ الْعَمَلِ بِالْخَطِّ وَفِي شَهَادَاتِ التَّنْوِيرِ وَإِذَا كَانَ بَيْنَ الْخَطَّيْنِ مُشَابَهَةٌ ظَاهِرَةٌ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ قَالَ شَارِحُهُ هُوَ الصَّحِيحُ خَانِيَّةٌ وَإِنْ أَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِخِلَافِهِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُعَوَّلُ عَلَى هَذَا التَّصْحِيحِ؛ لِأَنَّ قَاضِي خَانْ مِنْ أَجَلِّ مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَى تَصْحِيحَاتِهِ إلَخْ.
وَأَشَارَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ إلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ وَلَا يُعْمَلُ بِمَكْتُوبِ الْوَقْفِ الَّذِي عَلَيْهِ خُطُوطُ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ إلَخْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا وَجَدَهُ الْقَاضِي فِي أَيْدِي الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ وَلَهُ رُسُومٌ فِي دَوَاوِينِهِمْ وَيُشِيرُ إلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْإِسْعَافِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ اسْتِحْسَانٌ وَاسْتَثْنَى أَيْضًا فِي الْأَشْبَاهِ تَبَعًا لِمَا فِي قَاضِي خَانْ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا خَطَّ السِّمْسَارِ وَالْبَيَّاعِ وَالصَّرَّافِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَكَذَا فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَحَقَّقَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَكَذَا الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهَا وَأَفْتَى بِهِ التُّمُرْتَاشِيُّ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ وَنَسَبَهُ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ إلَى غَالِبِ الْكُتُبِ قَالَ حَتَّى الْمُجْتَبَى حَيْثُ قَالَ وَأَمَّا خَطُّ الْبَيَّاعِ وَالصَّرَّافِ وَالسِّمْسَارِ فَهُوَ حُجَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَنْوَنًا ظَاهِرًا بَيْنَ النَّاسِ وَكَذَلِكَ مَا يَكْتُبُ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً لِلْعُرْفِ اهـ وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ صَرَّافٌ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ بِمَالٍ مَعْلُومٍ وَخَطُّهُ مَعْلُومٌ بَيْنَ التُّجَّارِ وَأَهْلِ الْبَلَدِ ثُمَّ مَاتَ فَجَاءَ غَرِيمٌ يَطْلُبُ الْمَالَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَعُرِضَ خَطُّ الْمَيِّتِ بِحَيْثُ عَرَفَ النَّاسُ خَطَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ فِي تَرِكَتِهِ إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ خَطُّهُ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بَيْنَ النَّاسِ بِمِثْلِهِ حُجَّةُ اهـ مَا قَالَهُ الْبِيرِيُّ.
ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَيْنِيُّ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْعَادَةِ الظَّاهِرَةِ وَاجِبٌ فَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ الْبَيَّاعُ وَجَدْت فِي يادكاري بِخَطِّي أَوْ كَتَبْت فِي يادكاري بِيَدِي أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ كَانَ هَذَا إقْرَارًا مُلْزِمًا إيَّاهُ (قُلْت) وَيُزَادُ أَنَّ الْعَمَلَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ بِمُوجِبِ الْعُرْفِ لَا بِمُجَرَّدِ الْخَطِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَقَرَّهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي حَيْثُ قَالَ وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْأَمَانِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْبَرَاءَاتُ وَدَفْتَرُ بَيَّاعٍ وَصَرَّافٍ وَسِمْسَارٍ إلَخْ وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ نَقْلًا عَنْ شَيْخِنَا الْمُحَقِّقِ حُجَّةِ اللَّهِ الْبَعْلِيِّ التَّاجِيِّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْأشَبْاهِ مَا نَصُّهُ تَنْبِيهٌ مِثْلُ الْبَرَاءَةِ السُّلْطَانِيَّةِ الدَّفْتَرُ الْخَاقَانِيُّ الْمُعَنْوَنُ بِالطُّرَّةِ السُّلْطَانِيَّةِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ وَلِلْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ الْحَصْكَفِيُّ شَارِحِ التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى رِسَالَةٌ فِي ذَلِكَ حَاصِلُهَا بَعْدَ أَنْ نَقَلَ مَا هُنَا مِنْ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِكِتَابِ الْأَمَانِ وَنَقَلَ جَزْمَ ابْنِ الشِّحْنَةِ وَابْنِ وَهْبَانَ بِالْعَمَلِ بِدَفْتَرِ الصَّرَّافِ وَالْبَيَّاعِ وَالسِّمْسَارِ لِعِلَّةِ أَمْنِ التَّزْوِيرِ.
كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَزَّازِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ وَقَاضِي خَانْ وَأَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ فِي الدَّفَاتِرِ السُّلْطَانِيَّةِ أَوْلَى كَمَا يَعْرِفُهُ مَنْ شَاهَدَ أَحْوَالَ أَهَالِيِهَا حِينَ نَقَلَهَا إذْ لَا تُحَرَّرُ أَوَّلًا إلَّا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ ثُمَّ بَعْدَ اتِّفَاقِ الْجَمِّ الْغَفِيرِ عَلَى نَقْلِ مَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ تَسَاهُلٍ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ تُعْرَضُ عَلَى الْمُعَيَّنِ لِذَلِكَ فَيَضَعُ خَطَّهُ عَلَيْهَا ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَى الْمُتَوَلِّي لِحِفْظِهَا الْمُسَمَّى بِدَفْتَرٍ أَمِينِيٍّ فَيَكْتُبُ عَلَيْهَا ثُمَّ تُعَادُ أُصُولُهَا إلَى أَمْكِنَتِهَا الْمَحْفُوظَةِ بِالْخَتْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute