فَالْأَمْنُ مِنْ التَّزْوِيرِ مَقْطُوعٌ بِهِ وَبِذَلِكَ. كُلِّهِ يَعْلَمُ جَمِيعُ أَهْلِ الدَّوْلَةِ وَالْكَتَبَةُ فَلَوْ وُجِدَ فِي الدَّفَاتِرِ أَنَّ الْمَكَانَ الْفُلَانِيَّ وَقْفٌ عَلَى الْمَدْرَسَةِ الْفُلَانِيَّةِ مَثَلًا يُعْمَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَبِذَلِكَ يُفْتِي مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي بَهْجَةِ عَبْدِ اللَّهِ أَفَنْدِي وَغَيْرِهَا فَلْيُحْفَظْ اهـ مَا نَقَلْتُهُ مِنْ شَرْحِ شَيْخِنَا الْمَذْكُورِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى انْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ ظَاهِرًا وَعَلَيْهِ فَمَا يُوجَدُ فِي دَفَاتِرِ التُّجَّارِ فِي زَمَانِنَا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ وَقَدْ حَرَّرَ بِخَطِّهِ مَا عَلَيْهِ فِي دَفْتَرِهِ الَّذِي يَقْرُبُ مِنْ الْيَقِينِ أَنَّهُ لَا يُكْتَبُ فِيهِ عَلَى سَبِيلِ التَّجْرِبَةِ وَالْهَزْلِ يُعْمَلُ بِهِ وَالْعُرْفَ جَارٍ بَيْنَهُمْ بِذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ لَزِمَ ضَيَاعُ أَمْوَالِ النَّاسِ إذْ غَالِبُ بِيَاعَاتِهِمْ بِلَا شُهُودٍ فَلِهَذِهِ الضَّرُورَةِ جَزَمَ بِهِ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورُونَ وَأَئِمَّةُ بَلْخِي كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَفَى بِالْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَقَاضِي خَانْ قُدْوَةً وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ فَلَا يَرِدُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا تَحِلُّ الشَّهَادَةُ بِالْخَطِّ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَامَّةُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ فَإِنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ فِي مَسْأَلَتِنَا مُنْتَفِيَةٌ وَاحْتِمَالُ أَنَّ التَّاجِرَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ دَفَعَ الْمَالَ وَأَبْقَى الْكِتَابَةَ فِي دَفْتَرِهِ بَعِيدٌ جِدًّا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الِاحْتِمَالَ مَوْجُودٌ وَلَوْ كَانَ بِالْمَالِ شُهُودٌ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَدْ أَوْفَى الْمَالَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الشُّهُودُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّا حَيْثُ قُلْنَا بِالْعَمَلِ بِمَا فِي الدَّفْتَرِ فَذَاكَ فِيمَا عَلَيْهِ.
كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَغَيْرِهَا أَمَّا فِيمَا لَهُ عَلَى النَّاسِ فَلَا يَنْبَغِي الْقَوْلُ بِهِ فَلَوْ ادَّعَى بِمَالٍ عَلَى آخَرَ مُسْتَنِدًا لِدَفْتَرِ نَفْسِهِ لَا يُقْبَلُ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ هَذَا وَقَدْ وَقَعَتْ فِي زَمَانِنَا حَادِثَةٌ سُئِلْنَا عَنْهَا فِي تَاجِرٍ لَهُ دَفْتَرٌ عِنْدَ كَاتِبِهِ الذِّمِّيِّ مَاتَ التَّاجِرُ فَادَّعَى عَلَيْهِ آخَرُ بِمَالٍ وَأَنَّهُ مَكْتُوبٌ بِخَطِّ كَاتِبِهِ الذِّمِّيِّ فَكَشَفَ عَلَى الدَّفْتَرِ فَوُجِدَ كَذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ الْمَالَ وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي فِي الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ خَطَّهُ بَلْ هُوَ خَطُّ كَافِرٍ وَلِكَوْنِ الدَّفْتَرِ لَيْسَ تَحْتَ يَدِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الذِّمِّيَّ كَتَبَهُ بَعْدَ مَوْتِ التَّاجِرِ فَقَدْ وُجِدَتْ فِيهِ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ دَفْتَرُهُ بِخَطِّهِ وَهُوَ مَحْفُوظٌ عِنْدَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَقَدْ رَأَيْت فِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الْحَانُوتِيِّ سُؤَالًا حَاصِلُهُ فِيمَا يَكْتُبُهُ التُّجَّارُ عَلَى أَحْمَالِهِمْ مِنْ الْعَلَامَةِ الدَّالَّةِ عَلَى اسْمِ صَاحِبِهَا هَلْ تَدُلُّ الْعَلَامَةُ عَلَى أَنَّ الْحِمْلَ مِلْكُ صَاحِبِ الْعَلَامَةِ
الْجَوَابُ إنْ كَانَ صَاحِبُ الْعَلَامَةِ أَوْ وَكِيلُهُ وَاضِعٌ الْيَدَ عَلَى الْحُمُولِ فَلَا كَلَامَ فِي أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ دَلِيلُ الْمِلْكِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا عِبْرَةَ حِينَئِذٍ بِمُجَرَّدِ مَا لَمْ يَثْبُتْ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ خِلَافُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَضْعُ يَدٍ فَالْأَصْلُ أَيْضًا أَنَّ الْحُمُولَ لِصَاحِبِ الِاسْمِ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِذِمَّةِ ابْنِهِ الْبَالِغِ فَأَذِنَ لَهُ بِالْإِنْفَاقِ مِنْهُ عَلَى أَوْلَادٍ آخَرِينَ صِغَارٍ وَعَلَى أُمِّهِمْ وَغَابَ وَأَنْفَقَ الِابْنُ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ قَدْرًا مَعْلُومًا نَفَقَةَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةِ غَيْبَةِ أَبِيهِ الْمُحْتَمَلَةِ لِذَلِكَ وَالظَّاهِرُ يُصَدِّقُهُ فِيهَا ثُمَّ حَضَرَ الْأَبُ وَيُرِيدُ احْتِسَابَ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى أَبِيهِ مِنْ مَبْلَغِهِ الْمَزْبُورِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِذْنِ وَالْإِنْفَاقِ وَقَدَّرَهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ شَخْصٍ أَذِنَ لِآخَرَ أَنْ يُعْطِيَ زَيْدًا أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ فَأَدَّى الْمَأْمُورُ وَغَابَ زَيْدٌ وَأَنْكَرَ الْإِذْنَ وَطَالَبَهُ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّفْعِ فَهَلْ يُلْزَمُ بِذَلِكَ أَجَابَ إنْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ أَمَانَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ مَغْصُوبًا أَوْ دَيْنًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) هَلْ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ لَوْ أَقَامَهَا الْمُدَّعِي بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ) : تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَتُقْبَلُ عَلَى مَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الدَّعْوَى قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ لَوْ أَقَامَهَا الْمُدَّعِي بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو مَالًا فَأَجَابَ بِالْإِنْكَارِ فَأَثْبَتَ ذَلِكَ زَيْدٌ بِالْبَيِّنَةِ وَقَضَى الْقَاضِي بِهِ ثُمَّ ادَّعَى عَمْرٌو أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْهُ فَهَلْ يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَقْبَلُ