للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما ذكرنا، ولما روى ابن عباس: «أن رجلًا من بني عدي قتل، فجعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ديته اثني عشر ألفًا» رواه أبو داود.

فصل:

وذهب أصحابنا إلى أن الدية تغلظ بالقتل في الحرم والإحرام والشهر الحرام، وقال أبو بكر: وتغلظ أيضًا بالرحم المحرم، وقال القاضي: ظاهر كلام أحمد أنها لا تغلظ به، ومعنى التغليظ: أن يزاد لكل واحد من هذه الحرمات ثلث الدية، فإن اجتمعت الحرمات الثلاث، وجب ديتان، وعلى قول أبي بكر: إذا اجتمعت الأربع، وجبت ديتان وثلث؛ لما روي، عن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أن امرأة وطئت في الطواف، فقضى عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فيها بستة آلاف، وألفين تغليظًا للحرم.

وعن ابن عمر أنه قال: من قتل في الحرم، أو ذا رحم، أو في شهر الحرام، فعليه دية وثلث. وعن ابن عباس: أن رجلًا قتل رجلًا في الشهر الحرام، وفي البلد الحرام. فقال: ديته اثنا عشر ألفًا، وللشهر الحرام أربعة آلاف، وللبلد الحرام أربعة آلاف، ولم يظهر خلاف هذا، فكان إجماعًا، ولا تغلظ لغير ما ذكرنا؛ لعدم الأثر فيه، وامتناع قياسه على ما ورد الأثر فيه، وظاهر كلام الخرقي أنها لا تزاد على مائة من الإبل؛ لقوله الله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: ٩٢] وهذا عام في كل قتيل، وفسر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدية بمائة من الإبل، وإخبار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في تقدير الواجب بالقتل بمائة من الإبل أو غيرها، مطلقة في الأمكنة والأزمنة والقرابة. وقد قتلت خزاعة قتيلًا من هذيل بمكة، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وأنتم يا خزاعة، قد قتلتم هذا القتيل من هذيل؟ وأنا والله عاقله، فمن قتل له قتيل بعد ذلك، فأهله بين خيرتين، إما أن يقتلوا، وإما أن يأخذوا الدية» ولم يزد.

وقتل قتادة ابنه فلم يأخذ منه عمر أكثر من مائة، ولأنه بدل متلف، فلم يختلف بهذه المعاني، كسائر المتلفات.

فصل:

ودية الحرة المسلمة نصف دية الرجل؛ لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، في كتاب عمرو بن حزم أنه قال: «دية المرأة على النصف من دية الرجل» ، ولأنه إجماع الصحابة؛ روي ذلك عن عمر، وعثمان، وعلي، وزيد، وابن عمر، وابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، ولا مخالف لهم، وتساوي جراحها جراح الرجل إلى ثلث الدية، فإذا زادت، صارت على النصف، لما روى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عقل المرأة مثل

<<  <  ج: ص:  >  >>