للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سئل عن تقطيع قضاء رمضان، فقال: لو كان على أحدكم دين فقضاه من الدرهم والدرهمين حتى يقضي ما عليه من الدين هل كان ذلك قاضياً دينه؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: فالله أحق بالعفو والتجاوز منكم» رواه الدارقطني بنحوه والمتتابع أحسن؛ لأنه أشبه بالأداء وأبعد من الخلاف، ويجوز له تأخيره ما لم يأت رمضان آخر؛ لأن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: لقد كان يكون علي الصيام من رمضان فما أقضيه حتى يجيء شعبان. متفق عليه، ولا يجوز تأخيره أكثر من ذلك لغير عذر؛ لأنه لو جاز لأخرته عائشة، ولأن تأخيره غير مؤقت، إلحاقاً لها بالمندوبات، فإن أخره لعذر فلا شيء عليه؛ لأن فطر رمضان يباح للعذر فغيره أولى، وسواء مات أو لم يمت؛ لأنه لم يفرط في الصوم فلم يلزمه شيء، كما لو مات في رمضان، وإن أمكنه القضاء فلم يقض حتى جاء رمضان آخر قضى وأطعم عن كل يوم مسكيناً؛ لأن ذلك يروى عن ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، ولأن تأخير القضاء عن وقته إذا لم يوجب قضاء أوجب كفارة، كالشيخ الهرم وإن فرط فيه حتى مات قبل رمضان آخر، أطعم عنه عن كل يوم مسكين؛ لأن ذلك يروى عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. وإن مات المفرط بعد أن أدركه رمضان آخر فكفارة واحدة عن كل يوم يجزئه، نص عليه؛ لأن الكفارة الواحدة أزالت تفريطه فصار كالميت من غير تفريط. وقال أبو الخطاب: عليه لكل يوم فقيران لأن كل واحد يقتضي كفارة، فإذا اجتمعا وجب بهما كفارتان، كالتفريط في يومين. ويجوز لمن عليه قضاء رمضان التطوع بالصوم؛ لأنها عبادة تتعلق بوقت موسع فجاز التطوع بها في وقتها قبل فعلها كالصلاة، وعنه: لا يجوز؛ لأنها عبادة يدخل في جبرانها المال فلم يجز التطوع بها قبل فرضها كالحج، والأول أصح؛ لأن الحج يجب على الفور، بخلاف الصيام، ولا يكره قضاؤه في عشر ذي الحجة؛ لأن عمر كان يستحب القضاء فيها، ولأنها أيام عبادة لا يكره القضاء فيها كعشر المحرم، وعنه: يكره؛ لأن علياً - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كرهه، ولأن العبادة فيها أحب الأعمال إلى الله تعالى فاستحب توفيرها على التطوع.

[باب ما يستحب وما يكره للصائم]

باب ما يستحب وما يكره ينبغي للصائم أن يحرس صومه عن الكذب والغيبة والشتم والمعاصي، لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إذا كان يوم صوم أحدكم قلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم» متفق عليه، ويستحب للصائم السحور، لما روى أنس أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال «تسحروا فإن في السحور بركة» متفق عليه ويستحب تأخير السحور وتعجيل الفطر، لما روى أبو ذر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «لا تزال أمتي بخير ما أخروا

<<  <  ج: ص:  >  >>