للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفهومه أن لا شيء في الخطأ، وإن تطيب ولبس ناسياً أو جاهلاً، فلا فدية عليه؛ لما روى يعلى بن أمية: «أن رجلاً أتى إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعليه جبة، وعليه أثر خلوق، فقال: يا رسول الله كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي؟ قال: اخلع عنك هذه الجبة، واغسل عنك أثر الخلوق، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك» متفق عليه. . ولم يأمره بفدية لجهله، وقسنا عليه الناسي؛ لأنه في معناه، وعنه: عليه الفدية؛ لأنه فعل حرمه الإحرام، فاستوى عمده وسهوه كالحلق، والأول: المذهب. والحلق إتلاف لا يمكن تلافيه، ومتى ذكر الناسي أو علم الجاهل، فعليه إزالة ذلك، فإن استدامه فعليه الفدية؛ لأنه تطيب ولبس من غير عذر فأشبه المبتدئ به. وحكم المكره حكم الناسي؛ لأنه أبلغ منه في العذر.

وإن مس طيباً يظنه يابساً فبان رطباً، ففيه وجهان:

أحدهما: عليه الفدية؛ لأنه قصد مس الطيب.

والثاني: لا فدية عليه؛ لأنه جهل تحريمه، فأشبه من جهل تحريم الطيب. ومن طيب أو حلق رأسه، بإذنه فالفدية عليه؛ لأن ذلك ينسب إليه، وإن حلق رأسه مكرهاً أو نائماً، فالفدية على الحالق؛ لأنه أمانة عنده فالفدية على من أتلفه بغير إذنه، كالوديعة. وإن حلق وهو ساكت لم ينكر، فالفدية عليه، كما لو أتلف الوديعة وهو يقدر على حفظها فلم يفعل، وإن كشط من جلده قطعة عليها شعر، أو قطع إصبعاً عليها ظفر، فلا فدية عليه؛ لأنه زال تبعاً لغيره، فلم يضمنه، كما لو قطع أشفار عيني إنسان، فإنه لا يضمن أهدابها.

[باب الفدية في الحج]

باب الفدية

من حلق رأسه وهو محرم، فعليه ذبح شاة، أو إطعام ثلاثة آصع لستة مساكين؛ لكل مسكين نصف صاع، أو صيام ثلاثة أيام؛ لقول الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦] وروى كعب بن عجرة عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «لعلك تؤذيك هوام رأسك؟ قال: نعم يا رسول الله. فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: احلق رأسك وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين؛ لكل مسكين نصف صاع تمر، أو نسك شاة» متفق عليه، وسواء حلق لعذر أو غيره. وعنه: فيمن

<<  <  ج: ص:  >  >>