للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدل على أن لا تسلم إليهم قبل الرشد، وقوله: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: ٥] . ولأن إطلاقهم في التصرف يفضي إلى ضياع أموالهم، وفيه ضرر عليهم. ويتولى الأب مال الصبي والمجنون؛ لأنها ولاية على الصغير، فقدم فيها الأب، كولاية النكاح. ثم وصيه بعده؛ لأنه نائبه. فأشبه وكيله في الحياة، ثم الحاكم؛ لأن الولاية من جهة القرابة قد سقطت، فثبت للسلطان، كولاية النكاح. ولا تثبت لغيرهم؛ لأن المال محل الخيانة، ومن سواهم قاصر الشفقة، غير مأمون على المال، فلم يله كالأجنبي. ومن شرط ثبوت الولاية العدالة بلا خلاف؛ لأن في تفويضها إلى الفاسق تضييعاً لماله، فلم يجز، كتفويضها إلى سفيه.

[تصرفات الولي في مال المحجور عليه]

فصل

وليس لوليه التصرف في ماله بما لا حظ له فيه، كالعتق والهبة والتبرعات والمحاباة، لقول الله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: ١٥٢] وقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا ضرر ولا ضرار» من المسند. وفي هذه إضرار، فلا يملكه ولا يأكل من ماله إن كان غنياً؛ لقوله سبحانه: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النساء: ٦] . ومن كان فقيراً جاز لقول الله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ٦] وليس له إلا أقل الأمرين من أجرته، أو قدر كفايته؛ لأنه لا يستحقه بالعمل والحاجة معاً، فلم يملك إلا ما وجدا فيه. ثم إن كان أباً، فلا شيء عليه؛ لأن له أن يأخذ من مال ولده، وإن كان غيره ففيه روايتان:

إحداهما: يضمن عوض ما أكله إذا أيسر؛ لأنه استباحة للحاجة، فلزمه عوضه كالمضطر.

والثانية: لا شيء عليه؛ لأن الله تعالى أمر بالأكل ولم يذكر عوضاً، ولأنه أجيز له الأكل بحق الولاية، فلم يضمنه، كرزق الإمام من بيت المال. وإذا كان خلط مال اليتيم بماله أرفق له، مثل أن يكون ألين في الخبز، وأمكن في الأدم، خلطه. وإن كان إفراده خيراً له أفرده؛ لقول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: ٢٢٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>