للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل:

قال أصحابنا: لا يجب حمل السلاح في صلاة الخوف؛ لأنه لو وجب لكان شرطًا كالسترة، ويستحب أن يحمل ما يدفع به عن نفسه كالسيف والسكين، ويكره ما يثقله كالجوشن، وما يمنع إكمال السجود كالمغفر، وما يؤذي به غيره كالرمح متوسطًا، فإن كان في حاشية لم يكره، ولا يجوز حمل نجس ولا ما يخل بركن الصلاة، إلا أن يخاف وقوع السهام والحجارة ونحوها به، فيجوز للضرورة، ويحتمل وجوب حمل السلاح للأمر به بقوله تعالى: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: ١٠٢] ، وقَوْله تَعَالَى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ} [النساء: ١٠٢] فيدل على الجناح عند عدم ذلك.

فصل:

الضرب الثاني: الخوف الشديد، مثل التحام الحرب والقتال، ومصيرهم إلى المطاردة، فلهم أن يصلوا كيفما أمكنهم رجالًا وركبانًا، يومون بالركوع والسجود على قدر الطاقة، ويتقدمون ويتأخرون ويضربون ويطعنون، ولا يؤخرون الصلاة عن وقتها، وصلاتهم صحيحة، وإن هرب هربًا مباحًا من عدو أو سيل أو سبع أو نار لا يمكنه التخلص إلا بالهرب، أو كان أسيرًا يخاف الكفار إن صلى أو مختفيًا في موضع يخاف أن يظهر عليه صلى كيفما أمكنه، قائمًا أو قاعدًا أو مستلقيًا إلى القبلة وغيرها بالإيماء في السفر والحضر، فإن أمن في صلاته أتمها صلاة أمن، وإن ابتدأها آمنًا فعرض له الخوف أتمها صلاة خائف؛ لأنه يبني على صلاة صحيحة، فجاز كبناء صلاة المرض على صلاة الصحة.

وإن رأى سوادًا فظنه عدوًا، فصلى صلاة الخوف، ثم بان أنه غير عدو، أو بينه وبينه ما يمنع العبور أعاد؛ لأنه لم يوجد المبيح فأشبه من ظن أنه متطهر، فصلى ثم علم بحدثه، قال أصحابنا: ويجوز أن يصلوا في شدة الخوف جماعة رجالًا وركبانًا، ويعفى عن تقدمهم الإمام لأجل الحاجة، كما عفي عن العمل الكثير وترك الاستقبال.

[باب صلاة الجمعة]

وهي واجبة بالإجماع، وروى ابن ماجه عن جابر قال: خطبنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: «واعلموا أن الله قد افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا، في يومي هذا، في شهري هذا،

<<  <  ج: ص:  >  >>