للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ومتى تكررت منه السرقة ولم يقطع، أجزأ قطع يده عن جميعها. وذكر القاضي فيما إذا طالب الجماعة متفرقين رواية أخرى: أنها لا تتداخل، والصحيح الأول ويقطع للثانية؛ لأنها أسباب حد تكررت قبل استيفائه فيجزئ حد واحد، كسائر الحدود. فأما إن قُطع بسرقة، ثم عاد فسرق، قُطع ثانية، سواء سرق العين التي قطع بها، أو لا أو غيرها، من المسروق منه الأول أو من غيره؛ لأنه حد يجب بفعل في عين، فكان تكرره في عين واحدة كتكرره في أعيان، كالزنا.

فصل

ويسن تعليق يد السارق بعد قطعها في عنقه؛ لما روى فضالة بن عبيد: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتي بسارق فقطعت يده، ثم أمر بها فعلقت في عنقه» رواه أبو داود. وفعل ذلك علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بالذي قطعه؛ ولأنه أبلغ في الزجر. ولو قال السارق: أنا أقطع نفسي، لم يُمَكَّن؛ لأنه حق عليه، فلم يُمَكَّن من استيفائه من نفسه، كالقصاص.

فصل

وإذا قطع، فإن كان المسروق قائماً، رد إلى مالكه؛ لأنه ملكه، فرد إليه، كما قبل القطع. وإن كان تالفاً، فعلى السارق ضمانه؛ لأنه مال آدمي تلف تحت يد عادية، فوجب ضمانه، كالذي تلف في يد الغاصب، ولأن الضمان يجب للآدمي، والحد لحق الله تعالى، فوجبا جميعاً، كالدية، والكفارة في قتل الآدمي.

[باب حد الزنا]

الزنا حرام، وهو من الكبائر العظام، بدليل قول الله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا} [الإسراء: ٣٢] . «وروى عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: سألت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك. قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزني بحليلة جارك» . متفق عليه.

فصل

والزنا: هو الوطء في الفرج لا يملكه، ولا يجب الحد بغير ذلك، لما روى ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>