للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب مواقيت الحج]

باب المواقيت وللحج ميقاتان:

ميقات مكان، وميقات زمان، فأما ميقات المكان فالمنصوص عليه خمسة. لما روى ابن عباس قال: «وقت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن، ولأهل اليمن يلملم. قال: فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله، وكذلك أهل مكة يهلون منها» متفق عليه. وعن عائشة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقت لأهل العراق ذات عرق. رواه أبو داود. فهذه المواقيت لكل من مر عليها من أهلها ومن غيرهم للخبر. ومن منزله بين الميقات ومكة، فميقاته: منزله؛ للخبر، وميقات من بمكة منها، وسواء في ذلك أهلها أو غيرهم للخبر، ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر المتمتعين من أصحابه فأحرموا منها، وعنه فيمن اعتمر في أشهر الحج من أهل مكة: أهل من الميقات. فإن لم يفعل فعليه دم. وذكر القاضي فيمن دخل مكة محرماً عن غيره بحج، أو عمرة، ثم أراد أن يحج عن نفسه، أو دخل مكة محرماً لنفسه ثم أراد أن يحرم عن غيره بحج أو عمرة، أنه يلزمه الإحرام من الميقات، فإن لم يفعل فعليه دم؛ لأنه جاز الميقات مريداً للنسك لنفسه وأحرم دونه فلزمه دم، كما لو تجاوزه غير محرم، ولنا الخبر. وإن كل ميقات لمن أتى عليه فكذلك مكة، ولأن هذا حصل بمكة حلالاً على وجه مباح، فكان له الإحرام منها بلا دم، كما لو كان الإحرامان لشخص، واحد ومن أي موضع في مكة أحرم جاز؛ لأنها كلها موضع للنسك، وإن أحرم خارجاً منها من الحرم جاز أيضاً؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لأصحابه في حجة الوداع: «إذا أردتم أن تنطلقوا إلى منى فأهلوا من البطحاء» وهي خارج من مكة، ولأن ما اعتبر فيه الحرم استوت البلدة فيه وغيرها كالبحر. وميقات العمرة للمكي ومن في الحرم، من الحل؛ لما «روت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر أخاها عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم.» متفق عليه. وكانت بمكة يومئذ. ومن أي الحل أحرم جاز. لأن المقصود بالإحرام منه الجمع بين الحل والحرم في النسك؛ لأن أفعال العمرة كلها في الحرم، إلا الإحرام، بخلاف الحج فإنه يفتقر إلى الحل للوقوف بعرفة، فيحصل الجمع بين الحل والحرم.

فصل:

ومن جاوز الميقات مريداً لموضع قبل مكة، ثم بدا له الإحرام، أحرم من موضعه،

<<  <  ج: ص:  >  >>