للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشروط؛ لأن الأب يلي مالها في صغرها دون غيره، ولا يليه في كبرها، ولا يملك تزويجها إلا إذا كانت بكرا، ولم تكن ذات زوج، والمذهب الأول. قال أبو حفص: ما أرى القول الآخر إلا قولا قديما، ولا يجوز عفو الأب ولا غيره من الأولياء، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «وَلِيّ العقدة الزوج» رواه الدارقطني؛ ولأن الله تعالى قال: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: ٢٣٧] وليس عفو الولي عن صداق ابنته أقرب للتقوى، ولا يمنع العدول عن خطاب الحاضر إلى خطاب الغائب كقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا} [يونس: ٢٢] ؛ ولأن صداق المرأة حق لها، فلا يملك الولي العفو عنه كسائر ديونها؛ ولأن الصغير لو رجع إليه صداق زوجته، أو نصفه؛ لانفساخ النكاح، برضاع أو نحوه، لم يكن لوليه العفو عنه، رواية واحدة. فكذلك ولي الصغيرة.

[باب الحكم في المفوضة]

وهو أن يزوج الرجل ابنته بغير صداق برضاها أو رضا أبيها، سواء سكتا عن ذكره، أو شرطا نفيه، فالعقد صحيح، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: ٢٣٦] . وعن عقبة بن عامر «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لرجل: أترضى أن أزوجك فلانة؟ قال: نعم، وقال للمرأة: أترضين أن أزوجك فلانا قالت: نعم، فزوج أحدهما صاحبه، فدخل بها الرجل، ولم يفرض لها صداقا، ولم يعطها شيئا فلما حضرته الوفاة قال: إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زوجني فلانة، ولم أفرض لها صداقا، ولم أعطها شيئا، فإني أشهدكم أني قد أعطيتها من صداقها سهمي بخيبر. فأخذت سهما فباعته بمائة ألف» . رواه أبو داود.

ويجب لها مهر نسائها بالعقد؛ لأنه لو لم يجب، لما استقر بالدخول، ولا ملكت المطالبة بفرضه قبله؛ ولأن إخلاء النكاح عن المهر خالص لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولها

<<  <  ج: ص:  >  >>