وهو فرض؛ لقول الله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ}[البقرة: ٢١٦] . وقوله سبحانه:{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[التوبة: ٤١] وقَوْله تَعَالَى: {إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}[التوبة: ٣٩] . وهو من فروض الكفايات. إذا قام به من فيه كفاية، سقط عن الباقين؛ لقول الله سبحانه:{لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[النساء: ٩٥] إلى قوله: {وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}[النساء: ٩٥] . ولو كان فرضاً على الجميع، لما وعد تاركه الحسنى. وقال سبحانه:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً}[التوبة: ١٢٢] ؛ ولأنه لو فرض على الأعيان لاشتغل الناس به عن العمارة، وطلب المعاش، والعلم، فيؤدي إلى خراب الأرض، وهلاك الخلق. ولا يجب إلا بشروط خمسة:
أحدها: التكليف، فلا يجب على صبي، ولا مجنون، ولا كافر؛ لما تقدم؛ ولأن هذه من شرائط التكليف بسائر الفروع. وقد روي «عن ابن عمر أنه قال: عرضت على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أحد وأنا ابن أربع عشر سنة، فلم يجزني في المقاتلة.» متفق عليه.
ولأن المجنون لا يستطيع الجهاد، والكافر غير مأمون، والصبي ضعيف البنية.
الثاني: السلامة من الضرر؛ لقوله سبحانه:{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}[النساء: ٩٥] وهو العمى، والعرج، والمرض، والضعف؛ لقول الله سبحانه:{لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}[النور: ٦١] . وقَوْله تَعَالَى:{لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ}[التوبة: ٩١] . ومن كان في بصره سوء يمنعه من رؤية عدوه، وما يتقيه من سلاح، لم يلزمه الجهاد؛ لأنه في معنى الأعمى، في