للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب قصر الصلاة]

ولا يجوز قصر الصبح والمغرب بالإجماع؛ لأن قصر الصبح يجحف بها لقلتها، وقصر المغرب يخرجها عن كونها وترًا، ويجوز قصر الرباعية فيصليها ركعتين بشروط ستة:

أحدها: أن تكون في سفر طويل قدره أربعة برد، وهي ستة عشر فرسخًا، ثمانية وأربعون ميلًا بالهاشمي، وذلك نحو من يومين قاصدين؛ لما روي عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: يا أهل مكة، لا تقصروا في أدنى من أربعة برد، ما بين عسفان إلى مكة، وكان ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وابن عمر لا يقصران في أقل من أربعة برد، ولأنها مسافة تجمع مشقة السفر من الحل والشدة، فجاز القصر فيها كمسيرة ثلاثة أيام.

وسواء كان في بر أو بحر؛ لأن الاعتبار بالفراسخ، وإن شك في قدر السفر لم يبح القصر؛ لأن الأصل الإتمام، فلا يزول بالشك والاعتبار بالنية دون حقيقة السفر، فلو نوى سفرًا طويلًا، فقصر ثم بدأ له فأقام أو رجع، كانت صلاته صحيحة، ولو خرج طالبًا لآبق أو منتجعًا غيثًا، متى وجده رجع أو أقام لم يقصر، ولو سافر شهرًا.

ولو خرج مكرهًا كالأسير يقصد به بلدًا بعينه فله القصر؛ لأنه تابع لمن يقصد مسافة القصر، فإذا وصل حصنهم أتم حينئذ، نص عليه، وإن كان للبلد طريقان طويلة وقصيرة، فسلك البعيدة ليقصر فله ذلك؛ لأنه سفر يقصر في مثله، فجاز له القصر، كما لو لم يكن له طريق سواه.

فصل:

والثاني: أن يكون السفر مباحًا، فإن سافر لمعصية كالآبق، وقطع الطريق والتجارة في خمر لم يقصر، ولم يترخص بشيء من رخص السفر؛ لأنه لا يجوز تعليق الرخص بالمعاصي، لما فيه من الإعانة عليها والدعاية إليها، ولا يرد الشرع بذلك.

فصل:

والثالث: شروعه بالسفر بخروجه من بيوت قريته؛ لأن الله تعالى قال: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء: ١٠١] ، ولا يكون ضاربًا

<<  <  ج: ص:  >  >>