للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قتله غيره وجب أرش الجرح؛ لأنه لا ينبني فعل غيره على فعله، أشبه ما لو اندمل الجرح.

[باب دية الأعضاء والمنافع]

كل ما في الإنسان منه شيء واحد: كاللسان، والأنف، والذكر، ففيه الدية كاملة، وما فيه منه شيئان كالعينين وغيرهما ففيهما الدية، وفي أحدهما نصفها، وما فيه منه أربعة، كأجفان العينين، ففيهن الدية، وفي إحداهن ربعها، وما فيه منه عشر، كأصابع اليدين والرجلين، ففيها الدية، وفي الواحدة عشرها، وفي إتلاف منفعة الحس: كالسمع، أو البصر، أو الشم، أو العقل ونحوه الدية؛ لأن ذلك يجري مجرى تلف الآدمي، فجرى مجراه في ديته.

فصل:

يجب في العينين الدية؛ لأن في كتاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعمر بن حزم: «وفي العينين الدية» ولأنه إجماع، وفي إحداهما نصف الدية؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وفي العين خمسون من الإبل» رواه مالك في الموطأ. وسواء في ذلك الصحيحة والمريضة، وعين الصغير والكبير كذلك، وفي عين الأعور دية كاملة؛ لأنه يروى عن عمر، وعثمان، وعلي، وابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: أنهم قضوا بذلك، ولم نعرف لهم مخالفًا في عصرهم؛ فكان إجماعًا، ولأنه يحصل بها ما يحصل بالعينين، فكانت مثلهما في الدية، وإن قلع الأعور عيني صحيح، ففيها الدية، لما تقدم، وإن قلع عينه التي لا تماثل عين القالع، ففيها نصف الدية كذلك. وإن قلع المماثلة لعينه خطأ فكذلك، وإن قلعها عمدًا، فلا قصاص، وعليه دية كاملة؛ لأنه يروى عن عمر وعثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، ولأنه منع القصاص مع وجود سببه، فأضعفت الدية، كقاتل الذمي عمدًا.

فصل:

وفي البصر الدية؛ لأنه النفع المقصود بالعين، وفي ذهابه من إحداهما نصفها، فإن ذهب بالجناية على رأسه أو عينيه، أو بمداواة الجناية، وجبت الدية؛ لأنه بسببه، فإن ذهب ثم عاد، لم تجب الدية. فإن كان قد أخذها ردها؛ لأن عوده يدل على أنه لم يذهب، إذ لو ذهب لما عاد. وإن ذهب، فقال عدلان من أهل الخبرة: إنه يرجى عوده إلى مدة، انتظر إليها، فإن مات قبلها، وجبت الدية؛ لأنه لم يعد، وإن بلغ المدة ولم يعد وجبت؛ لأننا تبينا ذهابه، وإن قالا: يرجى عوده، ولم يقدرا مدة، لم ينتظر؛ لأنه ذاهب في الحال، وانتظاره لا إلى مدة، إسقاط لموجب الجناية بالكلية، وكذلك الحكم في السمع والشم والسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>