للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواه أبو داود. ولأنها صلاة ذات سبب، فأشبهت ركعتي الطواف، والمنصوص عن أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الوتر أنه يفعله قبل الفجر، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إن «الله زادكم صلاة فصلوها ما بين العشاء إلى صلاة الصبح» رواه الأثرم. وقال في ركعتي الفجر: إن صلاهما بعد الفجر أجزأه. قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وأما أنا فأختار تأخيرهما إلى الضحى، لما روى الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعدما تطلع الشمس» .

[باب النية في الصلاة]

باب النية

وهي الشرط السادس، فلا تصح الصلاة إلا بها بغير خلاف، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما الأعمال بالنيات» ولأنها عبادة محضة، فلم تصح بغير نية، كالصوم. ومحل النية: القلب، فإذا نوى بقلبه أجزأه، وإن لم يلفظ بلسانه. وإن نوى صلاة فسبق لسانه إلى غيرها، لم تفسد صلاته.

والأفضل النية مع تكبيرة الإحرام، لأنها أول الصلاة لتكون النية مقارنة للعبادة، ويستحب استصحاب ذكرها في سائر الصلوات، لأنها أبلغ في الإخلاص، وإن تقدمت النية التكبير بزمن يسير، جاز ما لم يفسخها، لأن أولها من أجزائها، فكفى استصحاب النية فيها كسائر أجزائها. وإن كانت فرضاً لزمه أن ينوي الصلاة بعينها، ظهراً أو عصراً لتتميز عن غيرها. قال ابن حامد: ويلزمه أن ينوي فرضاً، لتتميز عن ظهر الصبي، والمعادة. وقال غيره: لا يلزمه لأن ظهر هذا لا يكون إلا فرضاً، وينوي الأداء في الحاضرة والقضاء في الفائتة، وفي وجوب ذلك وجهان:

أولاهما: أنه لا يجب لأنه لا يختلف المذهب في من صلى في الغيم بالاجتهاد، فبان بعد الوقت أن صلاته صحيحة، وقد نواها أداء، فإن كانت سنة معينة كالوتر ونحوه، لزم تعيينها أيضاً، وإن كانت نافلة مطلقة أجزأته نية الصلاة. ومتى شك في أثناء الصلاة هل نواها أم لا؟ لزمه استئنافها، لأن الأصل عدمها، فإن ذكر أنه نوى قبل أن يحدث شيئاً من أفعال الصلاة أجزأه. وإن فعل شيئا قبل ذكره بطلت صلاته، لأنه فعله شاكاً في صلاته. وإن نوى الخروج من الصلاة بطلت؛ لأن النية شرط في جميع الصلاة وقد قطعها. وإن تردد في قطعها فعلى وجهين:

<<  <  ج: ص:  >  >>