للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب حد السرقة]

وحد السرقة: قطع اليد اليمنى؛ لقول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] ويعتبر في وجوبه أمور تسعة:

أحدها: السرقة: وهو أخذ المال مختفياً، فإن اختطفه، أو اختلسه، فلا قطع عليه؛ لما روى جابر قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس على المنتهب قطع» وروي عنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال: «ليس على الخائن، ولا المختلس قطع.» رواهما أبو داود، ولأن الله تعالى إنما أوجب القطع على السارق، وليس هؤلاء بسراق. وفي جاحد العارية روايتان:

إحداهما: لا قطع عليه؛ لأنه خائن، فلا يقطع للخبر، ولأنه ليس بسارق، فلا يقطع، كجاحد الوديعة. وهذا اختيار أبي إسحاق بن شاقلا، وأبي الخطاب.

والثانية: يجب عليه القطع؛ لما روي عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «أن امرأة كانت تستعير المتاع وتجحده، فأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقطع يدها.» متفق عليه.

فصل

الثاني: أن يكون مكلفاً، فلا يجب الحد على صبي، ولا مجنون؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ» ولأنه إذا سقط عنهما التكليف في العبادات، والإثم في المعاصي، فالحد المبني على الدرء والإسقاط أولى. ولا قطع على مكره؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» ويخرج في قطع السكران وجهان، بناء على الروايتين في طلاقه. وقال القاضي: حكمه حكم الصاحي فيما يجب عليه من العقوبات. ويجب القطع على السارق من أهل الذمة، والمستأمنين، ويقطع المسلم بسرقة مالهما؛ لأنهم التزموا حكم الإسلام، فأشبهوا المسلم مع المسلم.

فصل

الثالث: أن يكون المسروق نصاباً، فلا قطع فيما دونه؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً» متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>