للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قدر النصاب روايتان:

إحداهما: ربع دينار من الذهب، أو ثلاثة دراهم من الورق، أو ما قيمته ذلك من غيرهما؛ لما روت عائشة: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً» . وروى ابن عمر «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم.» متفق عليهما. وقال - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فما بلغ ثمن المجن، ففيه القطع» وعنه: أن ما عدا الأثمان تعتبر قيمته بالدراهم خاصة؛ لهذا الخبر.

والثانية: الأصل الدراهم خاصة، ويقوم الذهب بها؛ لحديث ابن عمر، والأول أولى؛ لخبر عائشة، ولأن ما كان فيه أحد النقدين أصلاً، كان الآخر فيه أصلاً، كالديات، ونصب الزكوات. وسواء في هذا الصحاح، والمكسرة، والتبر، والمضروب، للخبر. فإن اشترك اثنان في هتك حرز، وسرقة نصاب منه، فعليهما القطع؛ لأنه قطع يجب على المنفرد، فوجب على المشتركين فيه، كالقصاص، ويحتمل ألا يجب؛ لأن كل واحد لم يسرق نصاباً، فلا يجب عليه القطع، للخبر، وكما لو انفرد بسرقته، فإن كان أحد الشريكين مما لا قطع عليه، كالأب والصبي، وكانت سرقة الأجنبي البالغ، نصاباً، فالقطع واجب عليه؛ لأن المانع اختص بأحدهما، فاختص السقوط به، كالقصاص، ويحتمل ألا يجب قطعه؛ لأن سرقتهما علة قطعهما، وسرقة الأب لا تصلح علة للقطع، فلم يجب على واحد منهما. وإن كانت سرقة الأجنبي، لم تبلغ نصاباً، لم يجب قطعه؛ لأن ما سرقه لم يجب به القطع، ولا يمكن بناء فعله على فعل شريكه؛ لأن فعل الشريك لا يوجب، ويحتمل أن يجب قطعه، كما في القصاص. ومن هتك حرزاً، فأخذ منه درهمين ثم عاد فسرق منه درهماً في ليلة أخرى، أو وقتين متباعدين، فلا قطع عليه؛ لأن كل سرقة منهما منفردة، لا تبلغ نصاباً، وإن تقاربا، وجب القطع؛ لأنهما سرقة واحدة من حرز هتكه، فأشبه ما لو أخرجهما معاً. وإذا بني فعل أحد الشريكين على فعل شريكه، فعلى فعل نفسه أولى، ومتى شككنا في المسروق، هل يبلغ نصاباً أو لا؟ لم يجب القطع؛ لأن الأصل عدمه، فلا يجب الشك.

فصل

والشرط الرابع: أن يكون المسروق مما يتمول في العادة؛ لأن القطع شرع لصيانة الأموال، فلا يجب في غيرها، وسواء في ذلك ما يبقى زمناً كالثياب، وما يفسده طول بقائه، كالفاكهة، والأطعمة الرطبة، وما أصله الإباحة، كالصيود، والفخار، والآجر، واللبن، والخشب؛ لأنه مال يتمول به عادة، فوجب القطع بسرقته كالأثمان. فإن سرق حراً صغيراً، فلا قطع عليه؛ لأنه ليس بمال. وعنه: يقطع. فإن قلنا: لا يقطع وكان

<<  <  ج: ص:  >  >>