للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن ارتدت طائفة وامتنعت، وجب على الإمام قتالها؛ لأن أبا بكر الصديق قاتل أهل الردة، ولأنهم كفار لا عهد لهم، فوجب قتالهم كالأصليين، وما أتلفوه في حال الحرب لم يضمنوه؛ لما روى طارق بن شهاب قال: جاء وفد بزاخة وغطفان إلى أبي بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يسألونه الصلح، فقال: تَدُونَ قتلانا، ولا نَدِي قتلاكم، فقال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إن قتلانا قُتلوا على أمر الله، ليس لهم ديات، فتفرق الناس على قول عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، رواه البخاري.

وإن أتلفوا في غير دار الحرب شيئًا، ففيه وجهان؛ كالواحد إذا لحق بدار الحرب، وذكر ابن أبي موسى، والقاضي، وأبو الخطاب: أن ما أتلفه المرتد، فهو مضمون عليه، سواء كان واحدًا، أو جماعة ممتنعة بالحرب، ويحتمل في الجماعة الممتنعة ألا تضمن ما أتلفت.

فصل

ومن أكره على الإسلام بغير حق كالذمي والمستأمن، لم يصح إسلامه، ولم يثبت له أحكامه حتى يوجد منه ذلك، بعد زوال الإكراه. وإن أكره عليه بحق كالمرتد، ومن لا يجوز إقراره على دينه حكم بإسلامه، ومن أسلم ثم قال: لم أعتقد الإسلام، أو: لم أدر ما قلت، لم يقبل منه، وصار مرتدًا، نص عليه أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وعنه أنه يقبل منه. والمذهب: الأول.

[باب الحكم في الساحر]

السحر: عزائم ورقى وعُقَد تؤثر في الأبدان، والقلوب، فيمرض، ويقتل، ويفرق بين المرء وزوجه، ويأخذ أحد الزوجين عن صاحبه، قال الله تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة: ١٠٢] ، وقال الله سبحانه: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: ١] إلى قوله: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: ٤] يعني: السواحر اللاتي يعقدن في سحرهن، وينفثن في عقدهن، ولولا أن للسحر حقيقة، لم يأمر بالاستعاذة منه، وروت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، سُحِرَ حتى إنه ليخيل إليه أنه يفعل الشيء ولم يفعله، وأنه قال لها ذات يوم: أتاني ملكان، فجلس أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب، قال: ومن طبه؟ قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>