للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في عامي هذا إلى يوم القيامة، فمن تركها في حياتي أو بعدي، وله إمام عادل أو جائر استخفافًا بها أو جحودًا لها، فلا جمع الله له شمله، ولا بارك له في أمره» .

ولا تجب إلا على من اجتمعت فيه شرائط ثمانية: الإسلام، والبلوغ، والعقل؛ لأنها من شرائط التكاليف بالفروع، والذكورية، والحرية، والاستيطان، لما روى طارق بن شهاب قال: إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو مسافر، أو مريض» رواه أبو داود. ولأن المرأة ليست من أهل الجماعات، وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعرفات يوم جمعة فلم يصل جمعة.

وفي العبد رواية أخرى أنها تجب عليه؛ لأنها فرض عين من الصلوات فوجبت عليه كالظهر، والأولى أولى للخبر؛ ولأن العبد مملوك المنفعة محبوس على سيده، أشبه المحبوس بدين.

السابع: انتفاء الأعذار المسقطة للجماعة.

الثامن: أن يكون مقيمًا بمكان الجمعة أو قريبًا منه، وتجب الجمعة على أهل المصر قريبهم وبعيدهم؛ لأن البلد كالشيء الواحد، وتجب على من بينه وبين الجامع فرسخ من غيرهم، ولا تجب على غيرهم؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «الجمعة على من سمع النداء» رواه أبو داود. ولم يمكن اعتبار السماع بنفسه فاعتبر بمظنته، والموضع الذي يسمع منه النداء في الغالب، إذا كان المؤذن صيتًا بموضع عالٍ، والرياح ساكنة، والأصوات هادئة، والعوارض منتفية، فرسخ فاعتبرناه به.

فصل:

وهذه الشروط تنقسم أربعة أقسام:

أحدها: شرط للصحة والانعقاد، وهو: الإسلام والعقل، فلا تصح من كافر ولا مجنون، ولا تنعقد بهما؛ لأنهما ليسا من أهل العبادات.

الثاني: شرط للوجوب والانعقاد وهي: الحرية، والذكورية، والبلوغ، والاستيطان، فلا تنعقد الجمعة بمن عدمت فيه، ولا يصح إمامتهم فيها؛ لأنهم من غير أهل الوجوب، فلم تنعقد بهم كالنساء، وتصح منهم وتجزئهم عند الظهر، وحضورها لغير النساء أفضل؛ لأن سقوطها عنهم رخصة، فإذا تكلفوا فعلها أجزأتهم، كالمريض يتكلف الصلاة قائمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>