للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمات من سراية الجرح، لم يجب إلا قيمة واحدة، ويصرف ذلك إلى السيد؛ لأن الجناية في ملكه، فإن فقأ إحدى عينيه، فسرى إلى نفسه بعد العتق، فعلى الوجه الأول تجب القيمة بكمالها للسيد، اعتبارًا بحال وجودها، وعلى قول ابن حامد: يجب دية حر، لسيده منها أقل من الأمرين، من نصف القيمة، أو كمال الدية؛ لأنه إن كان نصف القيمة أقل، فهو الذي وجب له، والزيادة حصلت حال الحرية، وإن كانت الدية أقل، فنقصها بسبب من جهته وهو العتق.

فصل:

وإن قطع يد عبد فأعتق، ثم قطع آخر يده الأخرى ومات، فلا قصاص على الأول، لعدم التكافؤ في حال الجناية، وعليه نصف القيمة لسيده على قول أبي بكر. وعلى قول ابن حامد: عليه نصف ديته، لسيده منها الأقل من نصف قيمته يوم القطع، أو نصف الدية؛ لأن نصف القيمة إن كان أقل، فهو أرش الجناية الموجودة في ملكه، وإن كان أكثر، فالحرية نقصت ما زاد عليه. وأما الثاني: فعليه القصاص في الطرف. إن وقف قطعه، وفي النفس إن سرى؛ لأنه شارك في القتل العمد العدوان، فأشبه شريك الأب، ويتخرج أن لا قصاص عليه، بناء على الرواية الأخرى في شريك الأب، والفرق بين هذه المسألة والتي قبلها، أن الجناية ثم من واحد، فكانت الدية جميعها عليه، وهاهنا من اثنين، فقسمت الدية عليهما.

فإن عاد الأول، فذبحه بعد اندمال الجرحين، فعليه القصاص للورثة، ونصف القيمة للسيد، وعلى الثاني: القصاص في الطرف، أو نصف الدية، وإن كان قبل الاندمال، فعلى الأول القصاص في النفس دون الطرف، فإن اقتصوا، سقط حق السيد. وإن عفوا على مال، فلهم الدية لا غير، وللسيد أقل الأمرين من نصف القيمة، أو أرش المقطوع، وعلى الثاني: القصاص في الطرف، أو نصف الدية؛ لأن الذبح، قطع سرايتها، فصارت كالمندملة. فإن كان قاطع اليد الأخرى، هو قاطع الأولى، ولم يقتل، فلا قصاص في اليد الأولى لما ذكرنا.

ويجب في الثانية إن وقف القطع. وإن سرى القطعان، فلا قصاص في النفس؛ لأن أحد الجرحين موجب، والآخر غير موجب، ولكن له القصاص من اليد الثانية، فإن عفا عنه على مال، وجب عليه مثل ما يجب على القاطعين في المسألة الأولى، للسيد منه نصف القيمة على قول أبي بكر، وأقل الأمرين من نصف القيمة، أو نصف الدية على قول ابن حامد، وإن اقتص منه في اليد الثانية، فعليه في اليد الأولى نصف القيمة، أو نصف الدية على اختلاف الوجهين، وإن قطع يد عبد فأعتق، ثم قطع آخر يده الأخرى، ثم قطع آخر رجله، فمات من الجراحات، فلا قصاص على الأول؛ لعدم التكافؤ حال الجناية، وعلى الآخرين القصاص في النفس في ظاهر المذهب، بناء على شريك الأب، فإن عفا على

<<  <  ج: ص:  >  >>