للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك سقوط الفرض عنه، كما لو اقتص في غير المسجد.

فصل

ومن أقيم عليه الحد، فمات منه، فالحق قتله، ولا شيء على من حده جلداً كان أو غيره؛ لأنه حد وجب لله، فلم يود من مات به، كالقطع في السرقة. وإن زاد على الحد، فمات، وجب ضمانه؛ لأنه تعدى تعدياً أعان على تلفه، فوجب عليه ضمانه، كما لو ضربه أجنبي. وفي قدره روايتان:

إحداهما: الدية كلها؛ لأنه قتل حصل بأمر من جهة الله، وعدوان، فكان الضمان على العادي الدية، كما لو ضرب مريضاً سوطاً فقتله.

والثانية: نصف الدية؛ لأنه مات بفعل مضمون وغيره، فكان على العادي، نصف الدية، كما لو جرح نفسه، وجرحه آخر، فمات. وسواء زاد سوطاً، أو أكثر، وسواء زاد خطأ، أو عمداً؛ لأن الخطأ يضمن، كالعمد. ومتى كانت الزيادة من قبل الجلاد، فالضمان على عاقلته في الخطأ، وشبه العمد. وإن كان له من يعد عليه، إما الإمام، أو غيره، فلم يخبره بانتهاء العدد، فالضمان على من يعد؛ لأن الخطأ منه. وإن أمره الإمام بالزيادة، فزاد جاهلاً بتحريم الزيادة، فالضمان على الإمام، كما لو أمره بقتل معصوم يجهل المأمور حاله. وإن علم تحريم ذلك، فالضمان عليه. وقال القاضي: هو على الإمام، كما لو جهل الحال، ومتى كانت الزيادة من الإمام عمداً، فالضمان على عاقلته؛ لأنه عمد الخطأ، إلا أن يكون مما يقتل غالباً، فعليه في ماله؛ لأنه عمد. وإن كان خطأ، ففيه روايتان:

إحداهما: الضمان على عاقلته؛ لأنها جناية خطأ تحمل مثلها العاقلة، فكانت على عاقلته، كما لو أخطأ في غير الحكم.

والثانية: هي في بيت المال؛ لأنه نائب الله تعالى، فيتعلق الحكم بمال الله، ولأن خطأه يكثر، فإيجاب عقله على عاقلته إجحاف بهم.

فصل

وإذا اجتمع عليه حدود من جنس، مثل أن زنى مرات، أو شرب الخمر مرات، ولم يحد، فحد واحد؛ لأنها طهرة سببها واحد، فتداخلت، كالطهارة. وإن اجتمعت حدود من أجناس لا قتل فيها، أقيمت كلها؛ لأن أسبابها مختلفة، فلم تتداخل، كالطهارات المختلفة، ويبدأ بالأخف فالأخف؛ لأننا إذا بدأنا بالأغلظ، لم نأمن أن يموت فيفوت به سائرها، وأخفها حد الشرب إن قلنا: هو أربعون، فيبدأ به، ثم بحد

<<  <  ج: ص:  >  >>