للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كل أرض وسبي؟ ولا تجوز الزيادة على الثلث؛ لأن نفل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انتهى إليه ويجوز النقص منه؛ لأنه إذا جاز أن لا ينفل شيئا، فلأن يجوز تنفيل القليل أولى، ولا يستحق هذا النفل إلا بالشرط. نص عليه؛ لأن استحقاقه بغير شرط إنما يثبت بالشرع، ولم يرد الشرع باستحقاقه على الإطلاق.

الضرب الثاني: أن يجعل الأمير جعلا لمن يعمل عملا فيه غناء عن المسلمين، مثل أن يقول: من طلع هذا الحصن، فله كذا أو من نقبه، أو من جاء بأسير، فله كذا، ومن جاء بعشرة رءوس، فله رأس، وأشباه هذا مما يراه الإمام مصلحة للمسلمين، فيجوز؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من قتل قتيلا، فله سلبه» ويجوز أن يجعل الجعل من مال المسلمين، ومما يؤخذ من المشركين، فإن جعله من مال المسلمين لم يجز إلا معلوما مقدرا، كالجعل في المسابقة، ورد الضالة. وإن كان من الكفار، جاز مجهولا؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعل الثلث والربع، وسلب المقتول، وهو مجهول؛ ولأنه ضرر فيه على المسلمين، فجاز مع الجهالة، كسلب القتيل.

النوع الثاني: أن يخص الإمام بعض الغانمين بشيء، لغنائه وبأسه، أو لمكروه تحمله، ككونه طليعة، أو عينا، فيجوز من غير شرط، لما روى سلمة بن الأكوع قال: «أغار عبد الرحمن بن عيينة على إبل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتبعتهم، وذكر الحديث إلى قوله: فأعطاني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سهم الفارس والراجل» ، وعنه: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر أبا بكر، فبيتنا عدونا، فقتلت منهم تسعة أهل أبيات، فأخذت منهم امرأة، فنفلنيها أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فلما قدمت المدينة استوهبها مني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فوهبتها له» ، رواهما أبو داود؛ ولأن في هذا تحريضا على القتال، ونفعا للمسلمين، والدفع عنهم، فجاز، كإعطاء السهم.

فصل:

إذا قال: من دلني على القلعة الفلانية، أو من دلني على طريق سهل، ونحو ذلك، فله كذا - جاز. فإن كان الجعل جارية من القلعة، جاز أن تكون معينة، وغير معينة كجارية مطلقة. فإن لم تفتح القلعة، فلا شيء له؛ لأن تقدير الكلام: من دلني على القلعة ففتحها الله علينا، فله جارية منها، لتعذر تسليمه جارية منها قبل فتحها، فإن فتحت، فلم يكن فيها جارية، أو لم يكن فيها المعينة، فلا شيء له؛ لأنه شرط

<<  <  ج: ص:  >  >>