للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحداهما: لا تقبل؛ لأنها شهادة مجتهد فيها، فإذا ردت لم تقبل مرة أخرى، كشهادة الفاسق.

والثانية: تقبل؛ لأن العتق يظهر، وليس من فعله فيتهم في إظهاره، بخلاف العدالة، وإن شهد السيد لمكاتبه، أو الوارث لمورثه بالجرح قبل الاندمال، فردت شهادتهم، ثم زالت الموانع، فأعادوا الشهادة، ففي قبولها وجهان، كالروايتين والأولى أنها لا تقبل؛ لأنها شهادة ردت للتهمة، فلا تقبل إذا أعيدت، كالمردود للفسق.

الخامس: من شهد بشهادة ترد في البعض، ردت في الكل، مثل من شهد على رجل، أنه قذفه وأجنبياً، أو قطع الطريق عليه، أو على أجنبي، أو شهد الأب لابنه وأجنبي بدين، أو لشريكه وأجنبي، فلا تقبل؛ لأنها شهادة متهم فيها، فلم تقبل.

السادس: العداوة تمنع قبول شهادة العدو على عدوه؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا ذي غمر على أخيه» ولأنه يتهم في إرادة الضرر بعدوه، فلا تقبل شهادة الرجل على زوجته بالزنا؛ لأنه يقر بعدواته لها، ولأنه دعوى جناية في حقه، فلم تقبل؛ لأنه خصم، ولا تقبل شهادة المقطوع عليه الطريق على القاطع، ولا المقذوف على القاذف؛ لأنه عدو، فأما المتحاكمان على مال، فلا يمنع ذلك قبول شهادة أحدهما على صاحبه؛ لأنه ليس بعدواة.

فصل

وتقبل شهادة العدو لعدوه؛ لأنه غير متهم في شهادته له وشهادة الرجل لأبيه من الرضاع، وابنه، وسائر أقاربه، جائزة؛ لأنه لا نسب بينهما يوجب الإنفاق والصلة، وعتق أحدهما على صاحبه، بخلاف قرابة النسب، وتقبل شهادة الأخ من النسب لأخيه؛ لأنه عدل غير متهم، فيدخل في عموم الآيات والأخبار، ولا يصح قياسه على الوالد والولد، لما بينهما من التقارب، وتقبل شهادة الصديق الملاطف، وسائر الأقارب، لما ذكرنا، وتقبل شهادة ولد الزنى، والجندي، إذا سلما في دينهما كذلك، وتقبل شهادة الوصي والوكيل بعد العزل في أحد الوجهين كذلك، إلا أن يكونا قد خاصما فيما شهدا به؛ لأنهما صارا خصمين فيه، وتقبل شهادة الوارث بالجرح بعد الاندمال، لما ذكرناه.

فصل

ومن شهد شهادة زور، فسق، وردت شهادته؛ لأنها من الكبائر؛ لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق

<<  <  ج: ص:  >  >>