للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنه في الحولين، ولو شهد أنه ابنها من الرضاع، لم يكف، لاختلاف الناس فيما يصير به ابناً.

وإن رأى امرأة أخذت صبياً تحت ثيابها فأرضعته، لم يجز أن يشهد برضاعه؛ لأنه يجوز أن يتخذ شيئاً على هيئة الثدي يمتصه، غير الثدي، وإن شهد بالجناية، ذكر صفتها، فيقول: ضربه بالسيف، فقتله، أو أماته، أو فمات منه، أو فضربه فأوضحه، وإن قال: ضربه بالسيف، فمات، أو فاتضح، أو فوجدته ميتاً، أو موضحاً، لم تصح شهادته؛ لأنه قد يموت، أو يتضح من غير ضربة، وإن قال: ضربه فسال دمه، لم تثبت البازلة كذلك، وإن قال: فأسال دمه، ثبتت، وإن قال: ضربه فأوضحه، فوجدت في رأسه موضحتين، وجب دية موضحة؛ لأنه قد أثبتها، ولم يجب قصاص؛ لأننا لا ندري أيتهما التي شهد بها.

فصل

ومن شهد بالزنا، فلا بد من ذكر الزاني والمزني بها، لئلا يراه على بهيمة، أو جارية ابنه، فيعتقده زنا، ويحتمل أن لا يقتصر إلى ذكر المزني بها؛ لأنه لا يفتقر إليه في الإقرار، ويفتقر إلى ذكر صفة الزنا، وأنه رأى ذكره في فرجها؛ لأن زياداً شهد على المغيرة، فلم يذكر ذلك، فلم يقم الحد عليه، فإن لم يذكر الشهود ذلك، سألهم الحاكم عنه، وهل يفتقر إلى ذكر الزمان والمكان؟ يحتمل وجهين: أحدهما: لا يفتقر إلى ذكرهما؛ لأن الأزمنة في الزنا واحد، فلا تختلف.

والثاني: يفتقر إلى ذكره، لتكون شهادتهم على فعل واحد، لئلا يكون ما شهد به أحدهما غير ما شهد به الآخر، ولأن الناس اختلفوا في الشهادة بالحد مع تقادم الزمان، فقال ابن أبي موسى: لا تقبل؛ لأن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: من شهد على رجل بحد، فلم يشهد عليه حين يصيبه، فإنما يشهد على ضغن، وقال غيره من أصحابنا: تقبل؛ لأنها شهادة بحق، فجازت مع تقادم الزمان، كالقصاص، ولأنه قد يعرض ما يمنعه الشهادة في حينها، ويتمكن منها بعد ذلك، ومن شهد على سرقة، ذكر السارق، والمسروق منه، الحرز، والنصاب؛ لأن الحكم يختلف باختلافها.

ومن شهد بالردة بين ما سمع منه لاختلاف الناس فيما يصير به مرتداً، فلم يجز الحكم به قبل البيان، كما لا يجوز الحكم بجرح الشاهد قبل بيان الجرح.

فصل

ويجوز للحاكم أن يعرض للشهود بالوقوف عن الشهادة في حدود الله تعالى؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>