للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاته لعذر من سبق حدث أو نحوه؛ لما «روى جابر قال: صلى معاذ بقومه، فقرأ بسورة البقرة فتأخر رجل، وصلى وحده، فقيل له: نافقت يا فلان، فأتى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكر له ذلك، فقال: أفتان أنت يا معاذ؟ مرتين» متفق عليه.

فإن نوى الانفراد لغير عذر فسدت صلاته؛ لأنه ترك متابعة إمامه لغير عذر، فأشبه ما لو تركها بغير نية المفارقة، وفيه وجه أنه يصح، بناء على المنفرد إذا نوى الإمامة.

الرابعة: أحرم مأمومًا ثم صار إمامًا لعذر، مثل أن سبق إمامه الحدث فيستخلفه فإنه يصح.

وعنه: لا يصح، وإن أدرك نفسان بعض الصلاة مع الإمام، فلما سلم ائتم أحدهما بصاحبه في بقيتها؟ ففيه وجهان، فإن كان لغير عذر لم تصح.

الخامسة: أحرم إمامًا ثم صار منفردًا لعذر، مثل أن يسبق الإمام الحدث أو تفسد صلاته لعذر، فينوي الإمام المنفرد فيصح، وإن كان لغير عذر لم يصح.

السادسة: أحرم إمامًا ثم صار مأمومًا لعذر، مثل أن يؤم غير إمام الحي، فيزول عذر الإمام، فيتقدم في أثناء الصلاة، ويبني على صلاة الأول، ويصير الأول مأمومًا ففيه وجهان:

أحدهما: يصح؛ لما روى سهل بن سعد قال: «ذهب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة فصلى أبو بكر، فجاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والناس في الصلاة، فتخلص حتى وقف في الصف، فاستأخر أبو بكر حتى استوى في الصف وتقدم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فصلى ثم انصرف» متفق عليه.

والثانية: لا يصح؛ لأنه لا حاجة إلى ذلك، وفعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحتمل أن يكون خاصًا له؛ لأن أحدًا لا يساويه.

فصل:

وإذا أقيمت الصلاة لم يشتغل عنها بغيرها؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» رواه مسلم. وإن أقيمت وهو في نافلة خففها وأتمها، إلا أن يخاف فوات الجماعة فيقطعها؛ لأن الفريضة أهم، وعنه يتمها لقول الله تعالى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>