للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زوجته فماتت في العدة، وكان الطلاق بائناً، فهي كالأجنبية محرمة عليه، وإن كانت رجعية، وقلنا: إن الرجعية مباحة له فله غسلها وإلا فلا.

فصل:

ولا يصح غسل الكافر لمسلم؛ لأن الغسل عبادة محضة فلا تصح من كافر كالصلاة، ولا يجوز للمسلم أن يغسل كافراً وإن كان قريبه، ولا يتولى دفنه، إلا أن يخاف ضياعه فيواريه. قال أبو حفص العكبري: يجوز ذلك، وحكاه قولاً لأحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لما روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: «قلت للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إن عمك الشيخ الضال قد مات. قال: اذهب فواره» رواه أبو داود والنسائي. ولنا أنه لا يصلي عليه فلم يكن له غسله كالأجنبي، والخبر يدل على مواراته وله ذلك: لأنه يتغير بتركه ويتضرر ببقائه. قال أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في مسلم مات والده النصراني -: فليركب دابته وليسر أمام الجنازة، وإذا أراد أن يدفن رجع، مثل قول عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

ولا يجوز لرجل غسل امرأة غير من ذكرنا، ولا لامرأة غسل رجل سوى زوجها وسيدها؛ لأن أحدهما محرم على صاحبه في الحياة، فلم يجز له غسله كحال الحياة. فإن مات رجل بين نساء، أو امرأة بين رجال، أو خنثى مشكل فإنه ييمم، في أصح الروايتين، لما روى واثلة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا ماتت المرأة مع الرجال ليس بينها وبينهم محرم تيمم كما ييمم الرجل» أخرجه تمام في " فوائده ".

وعنه: في الرجل تموت أخته فلم يجد نساء، يغسلها، وعليها ثياب ويصب عليها الماء صباً، والأول أولى؛ لأن الغسل من غير مس لا يحصل به التنظيف ولا إزالة النجاسة، بل ربما كثرت، فكان التيمم أولى كما لو وجد ماء لا يطهر النجاسة. ويجوز للمرأة غسل صبي لم يبلغ سبع سنين نص عليه؛ لأن عورته ليست عورة، وتوقف عن غسل الرجل الجارية، قال الخلال: القياس التسوية بين الغلام والجارية، لولا أن التابعين فرقوا بينهما، وسوى أبو الخطاب بينهما في الجواز، جرياً على موجب القياس.

فصل:

وينبغي أن يكون الغاسل أميناً، لما روي عن ابن عمر أنه قال: لا يغسل موتاكم إلا المأمونون. ولأن غير الأمين لا يؤمن أن لا يستوفي الغسل، ويذيع ما يرى من قبيح، وعليه ستر ما يرى من قبيح؛ لأنه يروى عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «من غسل ميتاً ثم لم يفش عليه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» رواه ابن ماجه بمعناه. وإن رأى أمارات الخير استحب إظهارها، ليترحم عليه، ويرغب في مثل طريقته. وإن كان مغموصاً عليه في

<<  <  ج: ص:  >  >>