للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من تصدقت به عليهم» رواه البخاري، ولأنه لا تلزمها نفقته فلم تحرم عليه زكاتها كالأجنبي.

والثانية: لا يجوز؛ لأنها تنتفع بدفعها إليه، لوجوب نفقتها عليه، وتبسطها في ماله عادة فلم يجز دفعها إليه كالولد.

فصل:

ويجوز لكل واحد من هؤلاء الأخذ من صدقة التطوع؛ لأن محمد بن علي كان يشرب من سقايات بين مكة والمدينة، وقال: إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة. ويجوز لفقراء ذوي القربى الأخذ من وصايا الفقراء والنذور؛ لأنها صدقة تطوع بها، وفي أخذهم من الكفارة وجهان.

وعنه: منعهم من صدقة التطوع، لعموم الخبر. والأول أظهر، فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «كل معروف صدقة» حديث صحيح. ويجوز اصطناع المعروف إليهم. وروى أبو سعيد عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغاز في سبيل الله، أو لعامل عليها، أو لغارم، أو لرجل ابتاعها بماله، أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهدى المسكين إلى الغني» رواه أبو داود. ولو أهدى المسكين مما تصدق به عليه إلى الهاشمي حل له؛ «لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكل مما تصدق به على أم عطية نسيبة وقال: إنها قد بلغت محلها» . متفق عليه.

فصل:

وإذا دفع رب المال الصدقة إلى غني يظنه فقيراً ففيه روايتان:

إحداهما: لا يجزئه؛ لأنه دفعها إلى غير مستحقها، فأشبه دفع الدين إلى غير صاحبه.

والثانية: يجزئه؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اكتفى بالظاهر لقوله للرجلين: «إن شئتما أعطيتكما منها ولا حظ فيها لغني» ، وهذا يدل على أنه يجزئ، ولأن الغنى يخفى فاعتبار حقيقته يشق، ولهذا قال الله تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} [البقرة: ٢٧٣] . وإن بان كافراً أو عبداً أو هاشمياً، لم تجزئه رواية واحدة؛ لأن حال هؤلاء لا تخفى فلم يعذر الدافع إليهم، بخلاف الغني.

<<  <  ج: ص:  >  >>